عدم معرفته بالاصطلاح ، فإنّ هذا إنّما هو في المتواتر لفظا لا معنى فقط.
كيف؟! والأخبار المتواترة معنىّ أكثر من أن تحصى ، وقد ادّعى نفسه في هذا الكتاب تواتر بعض الأخبار!
فمراد المصنّف رحمهالله : إنّ مجموع الأخبار متواترة معنىّ بإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام وإن لم يتواتر كلّ منها لفظا ولا معنى ، فلا يلزم أن يكون خصوص حديث النور متواترا ، وإن كان لو ادّعى أحد تواتره معنى بلحاظ أخبار الفريقين لم يبعد عن الصواب ، كحديث الغدير (١).
ومن الطريف نسبة الفضل للمصنّف رحمهالله دعوى تواتر المنقول من « مسند أحمد » ، فإنّ غاية ما يمكن أن يسند إلى المصنّف رحمهالله دعوى تواتر حديث « النور » معنى ؛ بسبب تعدّد رواته ومخرّجيه ، ومنهم أحمد ، فلا يلزم منه القول بصحّة ما في « مسند أحمد » ، فضلا عن تواتره.
وأطرف منه نقصه للمصنّف العلّامة رحمهالله وزعمه الندم من معارضته ، وأنّه ابتلي فصبر ، وهو كما تراه لا يعرف حتّى العبارات الواضحة ، فما أصدق المعرّي في أبياته المشهورة ، وكأنّه ينظر فيها إلى هذا المقام (٢).
__________________
(١) انظر : ج ١ / ١٩ ـ ٢٢ وج ٤ / ٣١٧ ـ ٣٥٠ ، من هذا الكتاب.
(٢) إشارة إلى الأبيات السائرة والمشهورة لأبي العلاء المعرّي ، والتي يستشهد بها في مثل هذا المقام ، وهي من قصيدة مطلعها :
ألا في سبيل المجد
ما أنا فاعل |
|
عفاف وإقدام وحزم
ونائل |
إلى أن يقول :
إذا وصف الطائيّ
بالبخل مادر |
|
وعيّر قسّا
بالفهاهة باقل |
وقال السّهى للشمس
: أنت خفيّة |
|
وقال الدّجى : يا
صبح لونك حائل |
وطاولت الأرض
السماء سفاهة |
|
وفاخرت الشّهب
الحصى والجنادل |
فيا موت زر إنّ
الحياة ذميمة |
|
ويا نفس جدّي إن
دهرك هازل |
انظر : سقط الزند : ١٩٤ ـ ١٩٥.