وإلا فلماذا لم ينقلوا لنا نفس النص المعجز ، فهل هذا إلا محض تخرص ورجم بالغيب لا شاهد له ، ولا دليل عليه؟!
٤ ـ لقد روي في الصحيحين ، وغيرهما ما يدل على أن هذه العبارة ليست وحيا ، وإنما هي من كلام النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» ، حكاه للناس نقلا عن المقتولين ، أنهم قالوه ، تقول الرواية :
إن النبي «صلى الله عليه وآله» نعاهم فقال : «إن أصحابكم قد أصيبوا ، وإنهم قد سألوا ربهم ، فقالوا : ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ، ورضيت عنا» (١).
وفي رواية أخرى عن أنس : «بلّغ الله نبيه «صلى الله عليه وآله» على لسان جبريل «عليه السلام» : أنهم لقوا ربهم ، فرضي عنهم ، وأرضاهم» (٢).
وعن ابن مسعود : قتلوا فقالوا : «اللهم بلغ نبينا «صلى الله عليه وآله» عنا : أنّا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا» (٣).
وعن الضحاك قال : «لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد ، لقوا ربهم فأكرمهم ، فأصابوا الحياة والشهادة ، والرزق الطيب ، قالوا : يا ليت بيننا وبين إخواننا من يبلغهم : أنّا لقينا ربنا ، فرضي عنا وأرضانا ، فقال الله : أنا رسولكم إلى نبيكم وإخوانكم ، فأنزل الله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا ..) إلى
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٣ ص ٢٠ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٤٥ وكنز العمال ج ١٠ ص ٢٣٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ١٤١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٧٢ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧٢ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ١٩٤.
(٢) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٦٠.
(٣) مسند أحمد ج ١ ص ٤١٦.