يرتبط بإنزال جثة خبيب ، لا تكاد تتفق على شيء ، فهي متنافرة ، ومتدابرة بصورة عجيبة وغريبة.
الأمر الذي يشير إلى وجود تعمد للكذب والوضع ، والتصرف والتحريف ، بحيث أصبح من الصعب تحديد نتيجة واضحة لا لبس فيها في هذا المجال.
بل إن هذه التناقضات الواضحة تكاد تجعلنا نشك في مجمل ما يذكرونه هنا ، سوى أننا لا نجرؤ على نفي الموضوع من أساسه ، ولا ضير في أن يكون ثمة أشخاص قد قتلهم ناس من عضل والقارة (١) ولا نمانع في أن يكون خبيب وصاحبه قد قتلهما أهل مكة.
وما عدا ذلك فهو مشكوك فيه ، إن لم نقل إن فيه الكثير مما نقطع بأنه مكذوب وموضوع ، أو محرف عن عمد ، أو عن غير عمد كما سنرى.
وإذا أردنا أن نلم بطائفة من هذه التناقضات ، فإننا نشير إلى ما يلي :
ألف : بالنسبة لتاريخ سرية الرجيع ، نجد : أن معظم المؤرخين يذكرون قضية الرجيع في صفر سنة أربع (٢) مع أن عددا آخر يذكرها في سنة ثلاث
__________________
(١) عضل (بفتحتين) : بطن من بني الهون بن خزيمة ، بن مدركة ، بن إلياس ، بن مضر ، ينسبون إلى عضل بن الديش.
والقارة (بتخفيف الراء) : بطن من الهون أيضا ، وينسبون إلى الديش المذكور ، والقارة : أكمة سوداء فيها حجارة كأنهم نزلوا عندها فسمعوا بها.
(٢) راجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٦٢ وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي «صلى الله عليه وآله») ج ١ ص ٣٧٥ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٦٧ ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣٥٤ وتاريخ ابن الوردي ج ١ ص ١٥٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٣