كما أن من الطبيعي أن يخطب أولئك الذي يعيشون في المنطقة ود المسلمين ، وأن يعقدوا معهم معاهدات وإتفاقات توضح نوع ومستوى ومنطلقات العلاقة بهم.
وهذه الوفود ، وإن كانت قد ظهرت على نطاق واسع في سنة تسع من الهجرة أي بعد فتح مكة ، وكسر شوكة قريش والقضاء على جبروتها ،
ولكن بدء هذه الوفود ولو بصورة محدودة في السنة الخامسة ، يدلل على وجود تحول حقيقي في ميزان القوى في المنطقة ، ثم في نظرة الناس للإسلام ، والمسلمين ، وحساباتهم الدقيقة وتصوراتهم فيما يختص بالتعامل معه كقوة جديدة في المنطقة ، وكدين جديد أيضا.
٣ ـ قولهم : إن وفد بلال بن الحارث كان أول وفد مسلم إلى المدينة قد يكون موضع ريب وشك إذا أردنا أن نبحث هذا الموضوع بدقة وأناة ، فلعل وفد ضمام بن ثعلبة كان قبله.
إلا أن يدّعى : أن ضماما لم يكن قد أسلم حينئذ.
ومهما يكن من أمر : فإن موضوع الوفود وسائر ما يتعلق به موكل إلى ما يأتي إن شاء الله تعالى.
٤ ـ وإذا كان بلال بن الحارث شابا في مقتبل العمر ، لم يتجاوز الخمس وعشرين سنة (١) فإن نسبة هذا الوفد إليه ، من بين سائر الرجال الذين رافقوه ، ولعل الكثيرين منهم كانوا أسن منه ، وقد يكون فيهم من هو من ذوي الشرف والرياسة في تلك القبيلة ،
__________________
(١) الإصابة ج ١ ص ١٦٤.