وجعلت الخبائث في بيت ، وجعل مفتاحه الكذب (١) ، إلى غير ذلك مما يوضح : أن الكذب هو أم الخبائث ، وأساس الموبقات.
نعم ، لقد بلغ الحمق وقلة العقل بهم حدا ، أصبحوا معه بحيث يستهويهم الكذب ، وأصبح له دور رئيس في حياتهم وتعاملهم ؛ فهم سمّاعون له ، بملء إرادتهم ، ومع مزيد من الأنس به ، والإلف له.
كما أنهم قد رضوا بأن يكونوا آلات ودمى طيّعة بأيدي الآخرين ، الذين يرون : أن الحفاظ على امتيازاتهم الظالمة لن يكون إلا في ظل مقاومة دعوة الإسلام ، التي هي دعوة الحق والعدل والخير والأمن والسلام ، والنعمة ، والبركات.
ويلاحظ هنا : أنه سبحانه وتعالى قد كرر عبارة : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) ، ولعله ليشير بذلك إلى أن تعاملهم قائم على أساس مواصلة السماع للكذب ، الذي هو أحد أهم مناشئ البلايا والمصائب ، والنكبات ، حينما يكون ثمة من يتخذ الكذب شعاره ، ودثاره ؛ فهو يتحرك ، ويخطط ، ويتعامل على أساسه ، عن سابق إرادة واختيار وسابق معرفة وتصميم ، حيث رضي بأن يكون الكذب رائد انطلاقته في الحياة ؛ بهدف الحصول على الامتيازات الظالمة واللا مشروعة ، والحفاظ عليها.
نعم ، لقد كرر سبحانه ذلك ليؤكد على مدى حمقهم وقلة عقلهم ، حتى ليتلذذون بالكذب ، وقد رضوا لأنفسهم أن يصبحوا دمى في أيدي الذين
__________________
(١) راجع : بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٧٢ ص ٢٦٣ ، وراجع ج ٧٨ ص ٣٧٧ وميزان الحكمة حرف الكاف ، مادة : كذب.