الشقيرا من مباشري حلب جعلها متنزها له ولم يقفها ، فوصلت إلى كافل حماة الأسعردي. وكان عبد الرحمن بن سحلول صاحبا للأسعردي ، وكان الرئيس عبد الرحمن قد أحسن للأسعردي عند دخوله حلب فكافأه ووقف عليه هذا المكان وبنى له محرابا وجعل له خلاوي برسم الفقراء ، كذا قال شيخنا. وكان به منارة فآلت إلى السقوط فأخرجها الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ ناصر الدين محمد بن الشيخ عبد الرحمن وجعل مكانها غرفة وذهبت الغرفة أيضا.
وهذه الخانقاه مكان لطيف نزه فيه من الرخام الملون والشبابيك المطلة على نهر قويق والبساتين ، وإلى جانبها بحرة ، فأفردها وباعها الشيخ ناصر الدين المذكور.
وبهذه الخانكاه مدرس على مذهب الشافعي بشرط واقفها. والأسعردي ترجمته في تاريخ شيخنا.
وعبد الرحمن المذكور هو ابن يوسف بن سحلول ، كان رئيسا ، وتوفي يوم السبت تاسع عشري المحرم سنة اثنتين وثمانين وسبعماية ودفن خارج الخانقاه. ومن جملة أوقافها حصة بقرية بنغلا وحصة بحمّام أنطاكية. وعلى الفقهاء والمدرس حصة بخان خارج باب أنطاكية بحلب. وعلى بابها مكتوب : أنشأ هذه الخانكاه عبد الرحمن بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين وسبعماية. فلما توفي آل أمر هذا المكان إلى الشيخ ناصر الدين المذكور ولده ، فقام بها أتم قيام على أكمل الوجوه من الرئاسة وإطعام الناس ، فكان الفقراء والرؤساء يحضرون إليه فيضع بين يدي كل شخص ما يليق به ، وكانت لم تزل البسط والفرش والأغطية موضوعة في مرجتها وعلى الدكة التي في المرجة ، وكانت هذه الدكة مرخمة بالرخام الأصفر لأجل من يبيت هناك.
أخبرني من أثق به أنه كان يضع بين يدي الناس النقل بحيث إن الشخص لا يرى من تجاهه من كثرته. وكان التين الأخضر إذ ذاك قليلا بحلب فكان يحضره من تيزين لأجل من يحضر إلى عنده ، ولما قدم البلقيني حلب قبل فتنة تمر عمل البلقيني ميعادا بجامع منكلي بغا (الرومي) وخرج الناس في خدمته في ضيافة القاضي كمال الدين بن العديم إلى هذا المكان ، فتأخر ابن العديم بمأكوله فأحضر ناصر الدين المذكور من حواضر بيته ما قام بالحاضرين.