المحروسة وقرأ على علمائها الحديث والتفسير والأصول والفروع ، ثم أتى إلى بلاد الروم وتوطن بقسطنطينية وصار إماما ببعض الجوامع ، ثم صار إماما وخطيبا بجامع السلطان محمد خان بقسطنطينية ، وصار مدرسا بدار القراء التي بناها المولى الفاضل سعدي جلبي المفتي. ومات رحمهالله تعالى على تلك الحال في سنة ست وخمسين وتسعمائة وقد جاوز التسعين من عمره.
كان رحمهالله عالما بالعلوم العربية والتفسير والحديث وعلوم القراءات ، وكانت له يد طولى في الفقه والأصول ، وكانت مسائل الفروع نصب عينه. وكان ورعا تقيا نقيا زاهدا متورعا عابدا ناسكا ، وكان يقرىء الطلبة وانتفع به كثيرون ، وكان ملازما لبيته مشتغلا بالعلم ولا يراه أحد إلا في بيته أو في المسجد ، وإذا مشى في الطريق يغض بصره عن الناس ، ولم يسمع منه أحد أنه ذكر واحدا من الناس بسوء ، ولم يتلذذ بشيء عن الدنيا إلا بالعلم والعبادة والتصنيف والكتابة. وله عدة مصنفات من الرسائل والكتب أشهرها كتاب في الفقه سماه «ملتقى الأبحر» وله شرح على منية المصلي سماه «بغية المتحلي في شرح منية المصلي» ما أبقى شيئا من مسائل الصلاة إلا أوردها فيه مع ما فيها من الخلافات على أحسن وجه وألطف تقرير روح الله تعالى روحه ونور ضريحه ا ه.
وترجمه في «الكواكب السائرة» بما ترجمه به الحنبلي وصاحب الشقايق وقال في آخرها : واجتمع به شيخ الإسلام الوالد في رحلته إلى الروم سنة ست وثلاثين واثنى عليه في «المطالع البدرية». وقال : واجتمع فيّ مرات وصار بيننا وبينه أعظم مودة وأوكدها ، وأعارني من كتبه عدة أيام وأعرته تأليف ما ألفت ببلاد الروم كتفسير آية الكرسي وشرحي على البردة ا ه.
أقول : وله «تنبيه الغبي في الرد على ابن عربي» ذكره في الكشف. وكتابه المسمى بملتقى الأبحر وكذا شرحه على منية المصلي كلاهما مطبوعان في الآستانة عدة مرات ، وهما متداولان بين الفقهاء خصوصا في بلاد الروم وللملتقى عدة شروح ذكرها صاحب كشف الظنون ، منها شرح تلميذه الحاج علي الحلبي المتوفى سنة ٩٦٧ ، وشرح المولى مصطفى ابن عمر الحلبي المتوفى بحلب سنة ١٠٩٣ ، وشرح المولى القاضي بالقسطنطينية السيد محمد ابن محمد الحلبي المتوفى سنة ١١٠٤ شرحا مشهورا بالسيد الحلبي ، ومنها شرح الداماد المسمى «بمجمع الأنهر» ، ومن شروحه شرح العلامة الميداني الدمشقي المتوفى أواخر القرن