تفقه على الجلال النصيبي ، وعمّر وهو مكب على عمل الكيميا ، إلا أنه كان يحفظ القرآن ويستشكل فيه مواضع ويقترح أمورا من عنده.
ووقع منه ذات مرة أنه كتب رسالة وقال في ضمنها : قد خضت لجة بحر وقف العلماء بساحله ، فلما بلغ شيخنا العلامة الموصلي عابه على ذلك وأنشد فيه يقول :
إن المنيّر قد سما |
|
أقرانه بفضائله |
أرسوا ببحر علومه |
|
وسينزلون بساحله |
وفي البيت الأخير كما ترى إيهام لطيف ، فإن العوام يقولون نزل فلان بساحل فلان.
وكان أبوه شيعيا إلا أنه كان كثير التعرض لذم أبيه لتصلبه في التسنن.
وبلغه عن رجل شيعي من الحلبيين أنه توجه إلى بلدة من بلاد الشيعة وأظهر فيها السب للصحابة رضياللهعنهم وأنه قريب الوصول إلى حلب ، فأخذ في فضيحته وأشاع بحلب أنه سيرد عليكم فلان الذي شأنه كذا وكذا وأنه لا بد من تعزيره ونحوه في الطريق وغيره ، وهوّل الأمر إلى أن بلغه الخبر فلم يجسر على دخول حلب.
ولقد نقل عن صاحب الترجمة أنه كان يقول : اللهم لا تحشرني مع أبي في الآخرة. وفي «عيون الأخبار» للزين الشماع أنه قدم يوما إلى مسجد الزين فتداكرا شيئا ، إلى أن مر بهما حديث (أكثر أهل الجنة البله) فسأله عن معناه فأجاب قائلا : وقفت على كلام فيه لشيخ شيوخي سعد الدين ابن الديري الحنفي ، وحاصل ما استحضرته الآن من كلامه أن المراد البله في أمر الدنيا وهو من يحسن الصلاة والصيام ونحو ذلك بالأركان والشروط المقررة في الشريعة ، وأما أمور الدنيا فتراه لعدم اكتراثه بها غير عارف بها ، فهو كالأبله بالنسبة إلى معرفتها ، وليس المراد بالبله الذين لا يتحاشون النجاسة ولا يفعلون العبادة ، فهؤلاء ساقطون لعدم تكليفهم. قال الزين : فاستحسنه الشمس المنيّر ، غير أنه قال : هو غير واف بقوله : إنهم أكثر أهل الجنة ، لأنه ليس أكثر الناس بهذه الصفة كما هو مشاهد. ثم أفاد أنه سمع من بعض الفضلاء أن البله هم الذين توجهوا في العبادة لطلب الجنة كما هو المقصود للجم الغفير يتوجهون إلى طلب الجنة ، ومن فعل ذلك وغفل عن المولى والفوز بالنظر إلى وجهه الكريم وتوجه فكره إلى طلب الجنة ونعيمها ولذاته فهو الأبله ، وعلى هذا يستقيم الحديث ، فإن أكثر الناس بهذه الصفة ، والذين محضوا العبادة