فحاذر أن تعامله بقرض |
|
فإن القرض مقراض الوداد |
أنشدهما له ابن حبيب. وفيه قال الشاعر :
مضى مستبيح الزنا والربا |
|
إلى خازن المهلك الحالك |
وفاز الدميري بتدميره |
|
فمن مالكي إلى مالك |
قلت : وهذا مأخوذ من الذي قيل في البققي ، وكان أقبل على اللهو والفسوق ولبس زي الأجناد وقرض الأعراض ووقع في كلمات ، إلى أن آل أمره إلى القتل فقتل. ومن شعره :
ولرب قوم أدبروا مذ أقبلت |
|
دنياهم عن كل ندب فاضل |
جاؤوا وقد رأسوا بكل نقيصة |
|
فاقتص منهم دهرهم بالكامل |
قال ابن حبيب : كان ذكيا كثير المحفوظ ، لكنه حفظت عنه مقالات زرية ، وزندقة راوندية ، فأقيمت عليه البينة بذلك عند الصدر الدميري أحمد بن عبد القاهر قاضي المالكية ، فحكم بقتله فقتل بمشهد من النائب تحت قلعة حلب في سنة ٧٦٧ وقد جاوز الخمسين.
وهنا كتب الشيخ إبراهيم بن عمر البقاعي بهامش «الدرر الكامنة» بخطه ما نصه : حدثني العلامة قاضي القضاة محب الدين محمد بن الشحنة الحلبي الحنفي ، حدثني النجم عبد الخالق بن محمد بن عبد الخالق بن الوردي ، حدثني الشرف أبو بكر بن الزين عمر ابن الوردي أن الكمال أبا القاسم عمر بن عثمان المعري قاضي الشافعية بحلب كان له جار من أبناء الجند اسمه أحمد بن محمود بن صدقة ، وكان ذا مال كثير ، وكان لا يتحاشى عن فعلة منكر ، وكان فاضلا ، وكان مع تهتكه جريئا لا يرد لسانه عن شيء ، فكان يحفظ عليه أشياء من الكفريات ، فكان قبيح الفعل والقول ، وكان يبغض الكمال المذكور ، وكان يؤذيه ويحتمله الكمال ، إلى أن ركب يوما للتدريس ببعض وظائفه ، فمر على ابن صدقة فتنخم ابن صدقة وبصق وقال : على لحيتك يا كذا ، فسمعها الكمال. قال الشرف ابن الوردي : وكنت إلى جانبه وكان في وجهه أثر ضربة حافر بغل ، فكان إذا اغتاظ اختلج ذلك الأثر فاختلج فاشتد اختلاجه ، قال : فقلت في نفسي : راحت والله روح ابن صدقة ببصقة ، فوصل الكمال إلى تلك المدرسة فوقف قليلا ولم ينزل ، ثم مضى إلى