ولدت بحلب سنة إحدى وستين وثمانمائة ، وقرأت القرآن العظيم وطالعت الكتب ونسختها ونظمت ونثرت وحجت مرتين. وكانت صالحة خيرة. ولما احتضرت جرى منها أن حمدت الله تعالى على أن لم يكن في صندوقها إذ ذاك درهم ولا دينار. وكانت مستأجرة لبعض الجهات تسعين سنة ممن أضربه الفقر ، ولم يمض من المدة سوى القليل فردته على المؤجر وسامحته في باقي الأجرة.
ومن شعرها ترثي أخويها العفيف الحسين والمحب عبد الباسط الآتي ذكرهما قولها :
يا بين بالغت في الأشجان والمحن |
|
وجلت فينا بجد ليس بالحسن |
أضرمت نار فؤادي والحشاء معا |
|
أوليتني في الورى حزنا على حزن |
أغلقت باب علوم ثم باب هدى |
|
أخذت مني محب الدين من وطني |
قد مات في غربة والشام مسكنه |
|
يا ليتني قبل ذا أدرجت في كفني |
وقد فقدت عفيف الدين وا أسفي |
|
فليت بعد عفيف الدين لم أكن |
قد كان موت محب الدين نائبة |
|
واطول حزني لذالك المنظر الحسن |
إلى أن قالت :
واطول حزني وواوجدي ووا أسفي |
|
فيم الإقامة بالشهباء لا سكني |
ولها ترثي المحب وحده :
دعوا دمعي بيوم البين يجري |
|
فقد ذهب الأسى بجميل صبري |
وكيف تصبرّي وأخي رهين |
|
بأرض الشام في ظلمات قبر |
فقدت أخي وكان أخي وظهري |
|
على الحدثان سمّاعا لأمري |
فإن عجزت عن الندب الغواني |
|
بعثت الدمع نظما غير نثر |
ولا يخفى أنما أرادت في المرثية الأولى بقولها لا سكني بها ولا ناقتي فيها ولا جملي على الاكتفاء أخذا من قول الطغرائي (فيم الإقامة بالزوراء لا سكني) البيت. وأرادت في المرثية الثانية بقولها (فقد ذهب الأسى بجميل صبري) يعني قد أذهب الأسى جميل صبري على نمط قوله عزوجل (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) أي أذهبه ولم ترد ذهاب الأسى مع جميل الصبر على أن الباء للمعية لفساد المعنى حينئذ.
توفيت سنة ثمان وثلاثين.