ومن النوادر التي وقعت له أنه أخذ يكتب في ذيل وثيقة كتبه : علي بن محمد بن عبد الرحيم الموصلي كما هي عادته ، فكتب هكذا : كتبه علي بن محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإذا هو مخطىء هذا الخطأ الغريب ، فلم يسعه إلا أنه أخذ ذلك المداد بلسانه في طرفة عين لائما نفسه على ما صدر منه.
ولنا في مرثية شيخنا :
لنا عالم مذمات أورثنا المحن |
|
وقد كان يولينا منى فله المنن |
مفيد له بالطالبين عناية |
|
بدت وله الإرشاد في السر والعلن |
وكم من سنا قد لاح من زند فكره |
|
فزال به الإشكال واتضح السنن |
وكم من خفايا مرتج نال مرتج |
|
بما كان من إقليد تقريره الحسن |
وكم لمّض الجلاب من علمه فتى |
|
وكم منح الطلاب منه ولم يضن |
وكم لم يخف في الله لومة لايم |
|
فأظهر قول الحق من بعد ما بطن |
ثراء مزاياه تغيّب في الثرى |
|
فلم نلف من جدوى سوى منح المحن |
وعز علينا بعد ما مات مثله |
|
وفي القلب جبر الهم والغم قد قطن |
فواحسرتي من بعده وتلهفي |
|
وواسرحتي في حزن ما بي من حزن |
ويا طول وجدي فيه وجدي ولوعتي |
|
ومحنة ما قد مر من حادث الزمن |
عنيت وفاة العالم الفاضل الذي |
|
أفدناك فيما قبل أن له المنن |
وذاك الإمام الموصلي الذي اسمه |
|
علي ولم يبرح له الخلق الحسن |
همام له في العلم همة قسور |
|
وقيس به في الحكم قد قيس واقترن |
وإن ساير الطلاب ساروا لبابه |
|
ترقى إلى الإعزاز كل فما وهن |
كبير ولكن قدره ومعمر |
|
ولكن بأنحاء البلاغة واللسن |
كثير أنحناء بل حنوّ فما سكن |
|
إليه الفتى إلا وكان له سكن |
يبين المعاني للمعاني بمنطق |
|
فصيح صحيح إن يكن ثم من لحن |
ففي الشعر والآداب أبرز ما اختفى |
|
وفي منعه الإعراب أظهر ما استكن |
هو الأخفش النحوي في نحوه فقل |
|
بأرفع صوت ذا علي أبو الحسن |
وفي نظم أنحاء القريض ابن هانىء |
|
فأبلغ به إذ جال في ذلك السنن |
وفي فقهه الوردي ذو البهجة التي |
|
صفا وردها حتى غدت ركن من ركن |