قاضي سماوة (١) ، فنظر فيها المولى المذكور فوجد فيها ما يخالف الإجماع ، وقال المولى : كأن الريح المذكور لهذه الرسالة ، فأمره بإحراقها ، فخالفه الإمام ولم يرض بذلك ، وقال له المولى المذكور : عليك بإحراقها ولا يحصل لك منها الخير ، وبينما هما في ذلك الكلام ظهر من بعيد أثر النار ، فنظر الإمام وقال : إنها في قريتي ، ثم نظر بعد ذلك وتأمل وقال : أوّه إنها في بيتي ، فتوجه الإمام إلى بيته نادما على مخالفته.
وروي أنه كان لبعض أبنائه ولد فمرض في بعض الأيام مرضا شديدا حتى قرب من الموت ، فذهب والده إلى بيت المولى المذكور وهو في الخلوة الأربعينية فتضرع بأن يذهب إلى المريض ويدعو له ، فلم يرض بذلك ، ثم أبرم عليه غاية الإبرام فخرج من الخلوة ودخل على المريض وهو في آخر رمق من الحياة ، فمكث ساعة مراقبا ثم دعا له بالشفاء ، فاستجاب الله دعوته حتى قام المريض من فراشه ، فأخذ المولى المذكور بيده فأخرجه من البيت كأن لم يمسه مرض أصلا ، وعاش ذلك الولد بعد وفاة المولى المذكور مدة كبيرة.
ثم صار المولى العربي مدرسا بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنة ثم بإحدى المدارس الثمان ، وكان في كل جمعة يعقد في الجامع مجلس الذكر مع المريدين له.
وكثيرا ما يغلب عليه الحال في ذلك المجلس ويغيب عن نفسه ، ولهذا كان لا يقدر على الدرس يوم السبت ويدرس بدله يوم الاثنين. ثم عين له السلطان محمد خان في آخر سلطنته كل يوم ثمانين درهما ، فلما جلس السلطان بايزيد خان على سرير السلطنة غيّر ذلك وعيّن له خمسين درهما ، وكان ذلك رغما من جانب بعض الوزراء ، فتردد في القبول فنصحوا له فقبل ثم جعلوا له ثمانين درهما.
ثم صار مفتيا بقسطنطينية وعين له كل يوم مائة درهم ، مات وهو مفت بها سنة إحدى وتسعمائة.
وكان رحمهالله تعالى عالما بالعلوم العقلية والشرعية سيما بالحديث والتفسير وعلم أصول الفقه ، وكان كتاب التلويح في حفظه ويدرس منه كل يوم ورقتين. قال المولى الوالد :
كنت في خدمته مقدار سنتين وقرأت عليه كتاب التلويح من الركن الأول إلى آخر الكتاب ،
__________________
(١) في «الشقائق النعمانية» : سمادنة. وفي طبعة إستانبول للشقائق : سماوند.