وتزوج بابنة الشمس الأنصاري وهي سمراء اللون أمها أمة سوداء ، فقال قاضي الباب الشهاب ابن السراج فيه :
ولرب قاض أحمر من كعبه |
|
ما كان قط له يد بيضاء |
لعبت به الصفراء أول عمره |
|
والآن قد لعبت به السوداء |
قلت : وهجاء قاضي الباب إنما صدر منه في حقه بواسطة أنهما كانا يتناوبان قضاء الباب عزلا وتولية ، وعدو المرء من يعمل بعمله فلا يقبل منه ما كان صدر عنه.
وهذا قاضي القضاة شيخ الإسلام العز محمد بن خليل بن هلال الحاضري الحلبي الحنفي والد العز محمد الذي كان تولى قضاء سرمين قد أثنى عليه وهو رفيقه في الأخذ عن مشايخ عدة كثيرا سماعا واشتغالا في الرحلة وغيرها ، منهم الحافظ برهان الدين الحلبي فقال : لا أعلم بالشام كلها مثله ولا بالقاهرة مثل مجموعه الذي اجتمع فيه من العلم الغزير والتواضع الكثير والدين المتين والذكر والتلاوة. ثم كان قدح المحب أبي الفضل ابن الشحنة فيه لاشتغاله بقضاء حلب بعد أبيه. قال في «اقتطاف الأزاهر في ذيل روض المناظر» : وكان حسن الذات والأدوات مطرحا للتكليف لا يعاب بشيء سوى التصون وشراء حاجته بنفسه ومراعاته للدولة ، وعدم مخالفة ولده عز الدين أبي المحامد وأنه أغراه على الإذن للفرنج المقيمين بسرمين بإعادة الكنيسة بها والحكم بذلك بخدمة له ولولده عادت عليها نقمة ، فإن ذلك فتح عليهما بابا واسعا في أعراضهما ا ه. (در الحبب).
هذا ما ترجمه به حفيده الرضي الحنبلي ، وإذا تأملت في حواشي كلامه تجد أنه لم يكن في الاستقامة والصيانة في الدرجة التي ذكرها حفيده الرضي.
وله ترجمة موجزة في ضوء السخاوي تؤيد ما قلناه ، فقد قال : إنه اختص بسالم بن سلامة بن سلمان الحموي قاضي الحنابلة بحلب فحنبله ووقع بين يديه بل وناب عنه ، وامتحن بالضرب والإشهار من الشهاب الزهري لشهادة شهدها للمحب ابن الشحنة ، ثم لما قتل مخدومه سالم رام من العلاء بن مفلح الاستنابة فامتنع لقرب عهده مما تقدم ، فانتمى للزين عمر بن السفاح فساعده عند الجمالي ناظر الخاص بحيث إن العلاء لما انتقل لقضاء دمشق استقر عوضه في حلب ببذل معجز وتقرير سنوي ، وتكرر صرفه عنه إلى أن ولاه الأشرف قايتباي كتابة سرها ونظر الجيش أيضا عوضا عن الكمال المعري حين