وألفية الحديث والنحو والمختار والمنظومة والأخسيكثي في الأصول وعرض على جماعة ، وأجاز له الولي العراقي والشمس البرماوي في آخرين منهم من أئمة الأدب البدر البشتكي والزين ابن الخراط ، بل سمع على الشمسين الشامي وابن الجزري والشهب شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر) والمتبولي والواسطي وغيرهم. وببيت المقدس على الشمس ابن المصري وبحلب الكثير على البرهان الحلبي. واشتغل في الفقه على قاري الهداية والسعد ابن الديري والزين قاسم وجماعة ، وفي العربية على الشمني والشمس الرومي والمراغي وغيرهم ، وفي فن البديع والعروض على النواجي.
واستوطن حلب من سنة ٣٤ وكان يتردد منها إلى القاهرة ، ثم أعرض عن ذلك ولزم الإقامة بها. وحج وزار بيت المقدس. وباشر تدريس الحلاوية ويقال إنها هناك كالشيخونية بالقاهرة مع نصف نظرها ونظر الشاذبختية والخانقاه المقدمية الصوفية مع مشيختها ، وناب في قضاء سرمين ثم أقلع عن ذلك. وقد لقيته بحلب وسمع معي على جماعة وحدث باليسير.
وكان إنسانا حسنا متواضعا لطيف العشرة كريم النفس مع رياسة وحشمة وأصالة وفضيلة في الجملة ولكنه لفن الأدب أقرب ، ومما سمعته ينشد قوله :
يا كاتب السريا ابن الأكرمين ومن |
|
شاعت مناقبه في العرب والعجم |
وممن كتب عنه من نظمه البقاعي. وأثكل ولده المشار إليه فصبر وولي قضاء بلده في سنة وفاته حين كان السلطان هناك لشعوره ببذل مال هذا بعد عرضه عليه قديما فأبى ، فلم يلبث أن مات في عشرين ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين رحمهالله ا ه.
وله في در الحبب ترجمة موجزة قال فيها : إنه دفن بالجبيل بحلب كما وجدته بخط ابن السيد منصور الحنبلي ، ولم يتول أحد قضاء الحنفية بها منذ مات إلى أن وليه القاضي شهاب الدين أحمد بن الحلّاوي الحنفي عن بذل كثير سنة أربع وثمانين ا ه.
وله ولد اسمه عمر اشتغل وتفقه بابن أمير حاج وأخذ عن أبي ذر وغيره ، وسمع ببلده على جماعة ، وتميز وبرع ونظم وفاق وجمع ديوانا سماه «بدور الكمال». مات في سنة كان الأتابك والدوادار بحلب في حياة أبويه ولم يكمل الثلاثين رحمهالله.