وكذا جميع التراجم وألم بالمسموع شيخنا ، لكن ما أظن صاحب الترجمة وقف عليها ولو علم بالذي قبله ما عملها.
وحج في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وكانت الوقفة الجمعة ولم يحج سواها ، وزار المدينة المنورة ، وكذا زار بيت المقدس أربع مرات.
ولما هجم تيمور لنك على حلب طلع بكتبه إلى القلعة ، فلما دخلوا البلد وسلبوا الناس كان فيمن سلب حتى لم يبق عليه شيء ، بل وأسر أيضا وبقي معهم إلى أن رحلوا إلى دمشق فأطلق ورجع إلى بلده فلم يجد أحدا من أهله وأولاده ، قال : فبقيت قليلا ثم خرجت إلى القرى التي حول حلب مع جماعة ، فلم أزل هناك إلى أن رجع الطغاة لجهة بلادهم فدخلت بيتي فعادت إليّ أمتي نرجس وذكرت أنها هربت منهم من الرها وبقيت زوجتي وأولادي منها ، وصعدت حينئذ القلعة وذلك في خامس عشري شعبان فوجدت أكثر كتبي فأخذتها ورجعت.
واجتهد الشيخ رحمهالله في هذا الفن اجتهادا كبيرا وكتب بخطه الحسن الكثير ، فمن ذلك كما تقدم شرح البخاري لابن الملقن ، بل فقد منه نصفه في الفتنة فأعاد كتابته أيضا وعدة مجاميع ، وسمع العالي والنازل ، وقرأ البخاري أكثر من ستين مرة ومسلما نحو العشرين سوى قراءته لهما في الطلب أو قراءتهما من غيره عليه.
واشتغل بالتصنيف فكتب تعليقا لطيفا على السنن لابن ماجه وشرحا مختصرا على البخاري سماه «التلقيح لفهم قارىء الصحيح» وهو بخطه في مجلدين وبخط غيره في أربعة ، وفيه فوائد حسنة ، وقد التقط منه شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر) حين كان بحلب ما ظن أنه ليس عنده لكون شرحه لم يكن معه سوى كراريس يسيرة وأفاد فيه أشياء ، والذي كتبه منه ما يحتاج إلى مراجعته قبل إثباته ، ومنه ما لعله يلحقه ، ومنه ما يدخل في القطعة التي كانت بقيت على شيخنا من شرحه (المسمى بفتح الباري على صحيح البخاري). هذا مع كون المقدمة التي لشيخنا من جملة أصول البرهان ، فإنني قرأت في خطبة شرحه : ثم اعلم أن ما فيه عن حافظ عصري أو عن بعض حفاظ العصر أو نحوها بين العبارتين فهو من قول حافظ هذا العصر العلامة قاضي المسلمين حافظ العصر شهاب الدين ابن حجر من كتابه الذي هو كالمدخل إلى شرح البخاري له أعان الله على إكمال الشرح انتهى.