معه صغيرا وحمله وطاف به ثم مات عنه وهو دون البلوغ. وفي تاريخ الشيخ أبي ذر أنه كان حاكما بالباب نيابة عن الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الخراط الشافعي وأنه كان دينا خيرا عفيفا مع ما ذكره أيضا من أنه كان حنبليا تيميّا ، بيانا لما هو الواقع ، لا قدحا فيه ، كيف وأن شأن الشيخ تقي الدين ابن تيميّة الحراني الحنبلي أجل من أن يقدح فيه أو في متبعيه ، حتى إن العلاء البخاري لما قال بكفره وكفر من لقبه بشيخ الإسلام كتب الشمس محمد بن ناصر الدين كتابا (١) جمع فيه كلام من أثنى عليه من أصحاب المذاهب الأربعة ومن لقبه بشيخ الإسلام وبعث به إلى القاهرة ليكتب عليه علماؤها ، فكتب عليه الحافظ ابن حجر ما فيه الثناء عليه إلى أن قال : ولو لم يكن من الدليل على إمامته إلا ما نبه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في تاريخه أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة الشيخ تقي الدين وأشار إلى أن جنازة الإمام كانت حافلة جدا ، ولكن لو كان بدمشق من الخلايق نظير من كان ببغداد بل أضعاف ذلك لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته. إلى أن قال : وهذه تصانيفه طافحة بالرد على من يقول بالتجسيم والتبري منه ، ومع ذلك فهو بشر يخطىء ويصيب ، فالذي أصاب فيه وهو الأكثر يستفاد منه ، والذي أخطأ فيه لا يقلد فيه بل هو معذور لأن أئمة عصره شهدوا له بأن أدوات الاجتهاد اجتمعت فيه ا ه.
وكان من دأب القاضي زين الدين فيما بلغني وهو مقيم بتاذف أنه إذا كان يوم الخميس صلى الصبح وركب دابته وتوجه لزيارة من له من الأموات بها وعاد من يومه ، فاتفق أنه تأخر مرة فأتى عليه الليل وهو في الطريق وكانت الليلة مقمرة ، فإذا هو برجل قد خرج له من واد وأخذ يسايره شيئا فشيئا وصار بحيث كلما دنا منه جدي تباعد عنه وكلما تركه سايره على العادة ، إلى أن أوصله مأمنه سالما.
وأما والده فقد بلغني ممن أثق به أنه كان نزيل بيرة الباب يعبد الله تعالى بها ، وأنه كان يعرف فيها بالشيخ حسن الأرانبي لأرنبة كانت تأوي إليه في المغارة وتأنس به ولا تهرب
__________________
(١) هو «الرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام كافر» ومؤلفه هو حافظ الشام محمد ابن ناصر الدين المتوفى سنة ٨٤٢ ، والكتاب مطبوع حديثا في مصر ومنه نسخة خطية في مكتبة الأحمدية بحلب ورقمها ٧٥٩ وهي منقولة عن نسخة المؤلف ومن كتب أبي ذر المحدث الحلبي المتوفى سنة ٨٨٤ وعليه خط المؤلف في عدة مواضع بإثبات سماع أبي ذر عليه.