عن المولى المنفلوطي وانتفع به والجمال الأسنوي وابن الملقن والجلال البتاني ، ثم في مرة أخرى جمع القراءات السبع على الشمس العسقلاني وأذن له في الإقراء ، وسمع مفرداته على الشيخ يعقوب. وقرأ على الزين العراقي علوم الحديث وأجاز له ، وكذا علم الحديث عن الصدر الياسوفي والكمال ابن العجمي ، وتكسب في بلده بالشهادة كأبيه ، ثم ناب عن أبي الوليد ابن الشحنة مدة ، ثم ولاه قاضيها الشافعي قضاء سرمين ، ثم استقل بقضاء مذهبه في بلده سنة إحدى عشرة عوضا عن أبي الوليد المشار إليه بعناية دمرداش نائبها ، ثم صرف بأبي الوليد في سنة خمس عشرة ولم يلبث أن مات فأعيد.
وكان محمود الطريقة مشكور السيرة ، ولكنه عيب لما صدر منه في إعادة كنيسة سرمين ، وقيل فيه بعض الأبيات ، وتفرد في بلده وصار المشار له فيها ، بل قال البرهان الحلبي : لا أعلم بالشام كلها مثله ولا بالقاهرة مثل مجموعه الذي اجتمع فيه من العلم الغزير والتواضع الكثير والدين المتين والمحافظة على الجماعة والذكر والتلاوة والاشتغال بالعلم. زاد غيره : وكان المؤيد يحبه ويكرمه ويعظمه ويقطعه إقطاعا ، فلما كانت سنة ثلاث وعشرين سأل الإعفاء وأن يكون ابنه العز عوضه لفالج عرض له فأجيب ، وكذا قال غيره : كان حفظة علامة في فنون ، مشارا له في فقه الحنفية ببلده مع كثرة التواضع والانبساط ، رضي الخلق والديانة والصيانة ، جميل الطريقة.
قال بعض الآخذين عنه ما ملخصه : كان إماما عالما بفنون من نحو وصرف وقراءات وفقه وحديث وغيرها سيما العربية متواضعا طارحا للتكليف ، وضع شرحا على توضيح ابن هشام وشذوره ، وحاشية على مغنيه ، واختصر جلاء الأفهام لابن القيم ، وشرح بعض المنار وهم بشرح الهداية فما اتفق.
مات بحلب في يوم السبت عاشر ربيع الأول سنة أربع وعشرين بعد أن أصيب كما سبق بفالج وتغير عقله يسيرا ، وتقدم للصلاة عليه البرهان الحلبي ودفن خارج باب المقام بالقرب من تربة سودون قرب المدرسة الظاهرية ، وكانت جنازته مشهودة.
قال شيخنا في إنبائه ومعجمه : وصلينا عليه صلاة الغائب بالجامع الأزهر في أواخر جمادى الأولى عقب صلاة الجمعة رحمهالله وإيانا.
وممن ترجمه ابن خطيب الناصرية والعز من شيوخه بل رفيقه في القضاء ، وكذا ترجمه