محمود ، وكان ناب عن أبيه فيها ، فما نهض لمواقعته ، وهذا في سنة ثمان ، وخالط الأمراء وداخل الدولة وكثر جاهه وعظم ماله ، سيما ولم يكن يتحاشى عن جمع المال من أي وجه كان.
قال شيخنا في إنبائه : وكان كثير المروءة متواضعا بشوشا كثير الجرأة والإقدام والمبادرة إلى القيام في حظ نفسه محبا في جمع المال بكل طريق.
(وفي رفع الأصر) : كان شهما فصيحا مقداما يعاب بأشياء ويحمد بأشياء كثيرة منها التعصب لمن يقصده والقيام مع من يلوذ به. قال : وقرأت بخط المقريزي : كان من شر القضاة جرأة وجمعا وخلة وبادرة ووثوبا على الدنيا وتهافتا على جمع المال من غير حله وتجاهرا بالربا ، وأفرط في استبدال الأوقاف. وكان مفرطا في التواضع بحيث يمشي على قدميه من منزله إلى من يقصد من الأكابر. قال : وفي الجملة كان من رجال الدنيا (١). قال غيره : من بيت رياسة وعلم وقضاء ، أفتى ودرس وشارك في العربية والأصول والحديث ، من رجال الدنيا دهاء ومكرا ، خبيرا بالسعي في أموره ، يقظا غير متوان في حاجته ، كثير العصبية لمن يقصده ، ماهرا في الحكم ذكيا.
قال ابن خطيب الناصرية : إنه باشر بحرمة وافرة وكلمة نافذة ، وكان رئيسا كبيرا محترما ذا هيبة ، وجيها عند الملوك. وأرخ مولده في سنة ستين أو إحدى وستين. مات في يوم السبت ثالث عشر جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة بعد أن مرض شهرا ونصفا ، ورغب قبل موته لولده ناصر الدين محمد وهو شاب عن مشيخة الشيخونية وقبلها المنصورية ، وباشرها في حياته وأوصاه أن لا يفتر عن السعي في القضاء ، فامتثل أمره واستقر بعده. وفيه يقول عثمان بن محمد الشغري الحنفي :
ابن العديم الذي في عينه عور |
|
وليس محمودة في الناس سيرته |
أليس أن عليه ستر عورته |
|
لكن نزول القضا أعمى بصيرته |
ا ه.
__________________
(١) قال في المنهل الصافي في آخر ترجمته بعد ذكره بعض ما قاله شيخه المقريزي ما نصه : كلام المقريزي لا يسمع في ابن العديم لوجوه عديدة ، منها لتعصبه لابن الطرابلسي ، ومنها لواقعة حصلت لابنه ناصر في حقه وفي هذا كفاية ا ه.