وربّما يدّعى أنّه لا خلاف فيه ، بل ادّعى ابن زهرة الإجماع عليه (١) ، ولعلّ ذلك بالنظر إلى ظاهر فتواهم باستحباب صومه حُزناً على مُصاب آلِ محمّدُ.
وهو مشكل ؛ إذ قد عرفت الإشكال في أنّ المراد من هذه العبادة هل هو الصوم الواقعي أو الإمساك إلى العصر.
والذي يظهر من التذكرة العدم ؛ فإنّه بعد ما أفتى باستحباب صومه حزناً لا تبرّكاً ، وذكر الأدلّة قال : إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ينبغي أن لا يتمّ صوم ذلك اليوم ، بل يفطر بعد العصر ؛ لما روي عن الصادق عليهالسلام : «إنّ صومه متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة» (٢) و (٣).
وكذا يظهر من الدروس والمسالك ، فإنّهم استحبوا الإمساك إلى العصر (٤) ، وهو الظاهر من اللمعة ، حيث لم يذكره في المستحبات من الصوم (٥).
ولا يبعد ترجيح تركه وإن لم يكن على وجه التبرّك ؛ لكثرة الأخبار المانعة على الإطلاق في غاية التأكيد (٦) ، والخوف من التشبّه بالأدعياء ، وحصول الغفلة عن قصد التحرّز ، نظير ما ذكرنا في صوم عرفة.
والأخبار الواردة فيه منها ما يدلّ على الاستحباب مطلقاً ، ومنها ما يدلّ على المنع مطلقاً.
فمما يدلّ على الاستحباب ، ما رواه الشيخ ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إنّ علياً عليهالسلام قال : صوموا العاشوراء التاسع والعاشر ، فإنّه يكفّر
__________________
(١) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٣.
(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٥.
(٣) التذكرة ٦ : ١٩٣.
(٤) الدروس ١ : ٢٨٦ ، المسالك ٢ : ٧٨.
(٥) انظر اللمعة (الروضة البهيّة) ٢ : ١٣٤.
(٦) الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١.