فليس بيوم صوم» (١).
ورواه الصدوق في الفقيه وقال ، قال مصنف هذا الكتاب : إنّ العامة غير موفقين لفطر ولا أضحى ، وإنّما كره عليهالسلام صوم عرفة لأنّه كان يوم العيد في أكثر السنين ، وتصديق ذلك ، ما قاله الصادق عليهالسلام : «لما قتل الحسين بن عليّ عليهالسلام ، أمر الله عزوجل ملكاً ، فنادى : أيتها الأُمة الظالمة القاتلة عترة نبيّها ، لا وفّقكم الله تعالى لصوم ولا فطر» وفي حديث آخر : «لا وفقكم الله لفطر ولا أضحى» (٢) انتهى.
أقول : الظاهر أنّ المراد أنّ الاشتباه الحاصل غالباً في ذلك من جهة حرمانهم ، لا أنّه معلوم أنّه عيد ولكنه عرفة عندهم ، ولذلك نُهي عنه.
وهناك روايات أُخر مُشعرة بما تقدّم من الجمع ، ومنزّلة عليه ، تركناها دوماً للاختصار ، ومن جملتها رواية رواها الصدوق يفسّر ترك الحسن عليهالسلام الصوم دون الحسين ، وفيها أنّ الراوي قال : إنّي رأيت الحسن عليهالسلام ، غير صائم ، والحسين عليهالسلام صائماً ، ثم رأيت الحسين عليهالسلام غير صائم بعد وفات الحسن عليهالسلام ، وسألته عن ذلك فقال : «إنّ الحسن عليهالسلام كان إماماً فلم يصم لئلا يتأسى به الناس ، ويتّخذ صومه سنة ، فلما صرت إماماً بعده تركته لأجل ذلك» (٣).
ومن جميع ذلك يظهر وجه ما ورد من الأخبار من أنّ صومه مخيّر فيه ، ويتضح وجه ما قدّمنا أنّه دال على عدم تأكّده ، ولعلّه بالنظر إلى جعله سنة وطريقة مستمرة ؛ لكثرة حصول الغفلة لأكثر صلحاء العوام عن الحكمة في الشرطين المتقدّمين ، ويحرمون عن الفضيلة العظمى ، أو يقعون في المنقصة الكبرى ، فإنّهم إذا علموا أنّ الإمام يفطر فيه يحصل لهم التفطن ، فالاستحباب المقطوع به الثابت إنّما هو للعارف المتقن الضابط للشرطين في غير الإمام ؛ لئلا يغفل العوام بمتابعة الظاهر.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٥٣ ح ٢٣٥ ، التهذيب ٤ : ٢٩٩ ج ٩٠٣ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٥ ، الوسائل ٧ : ٣٤٤ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٦.
(٢) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٦ ، ٢٣٧.
(٣) الفقيه ٢ : ٥٢.