بمقطوع به ، فيكتفي بتتابع نفس الشهرين ، وهو لا يتمّ إلا بزيادة يوم ، وهو قد يحصل بشهر هلالي ناقص ويوم ، وقد لا يحصل إلا بثلاثين ويوم ، بخلاف الشهر المتتابع ، فإنه وإن كان قد يحصل بتسعة وعشرين يوماً ، كما لو بدأ في أوّل الشهر الناقص ، ولكن حصول العلم بتمام النصف الأوّل لا يمكن إلا بمضي خمسة عشر.
وكذلك لو شرع في السادس عشر من شهر بإرادة تتميمه بنصف الشهر التالي له ، واتفق كون الأوّل ناقصاً ، فإن حصول العلم بنصف ذينك النصفين لا يحصل إلا بإدخال يوم من الشهر الثاني في نصف الشهر الأوّل حتّى تتمّ الخمسة عشر التي يحصل بها العلم بنصف مجموع النصفين ، وإن كان زائداً على النصف بنصف يوم ؛ لعدم تبعّض الصوم.
ثمّ لو ظهرَ نقصان الشهر الثاني أيضاً تبعّض ولم يصُم بعد الباقي ، فيجب عليه خمسة عشر يوماً أُخر ؛ لعدم التبعّض ، ولو ظهر كونه تاماً فخمسة عشر يوماً أُخر بالأصالة.
وجعل ابن إدريس ذلك الفرق مقتضى التعبّد والنصّ ، حيث قال : ومن نذر أن يصوم شهراً متتابعاً ، فصام خمسة عشر يوماً وأفطر ، جاز له البناء وإن لم يكن زاد على النصف شيئاً آخر ، وفي الشهرين لا بد أن يكون قد زاد على النصف شيئاً آخر من الشهر الثاني ، وهذا فرق تواترت به الأخبار عن أئمّة آل محمّد الأطهار ، ولا يتعدّى إلى غير هذين الحكمين. وقد ذهب شيخنا أبو جعفر في جمله وعقوده إلى أنّ العبد إذا كانت كفّارته صيام شهر ، فصام نصفه ، جاز له التفريق في الثاني ، والبناء على ما مضى ؛ حملاً على الشهر المنذور ، أو خبر واحد قد ورد بذلك ، والأظهر ما أجمعنا عليه ، وترك التعرّض لما عداه ، ونعمل فيه على ما تقتضيه أُصول المذهب وعموم الآي والنصوص (١) ، انتهى.
__________________
(١) السرائر ١ : ٤١٣ ، وانظر الجمل والعقود (الرسائل العشر) : ٢١٧.