أفضل الطاعات ، واستثناؤهم الطاعة مع ملاحظة ما يعطيه استقراء تتبع الموارد ، وكون النسبة بين ما دلّ على رجحان قضاء حاجة المؤمن ، والمنع عن الخروج في الاعتكاف عموماً من وجه ، من دون مرجّح للأخير ، بل ثبوته للأوّل يرجّح الجواز.
وأما إذا كان قضاء حاجته من الأُمور اللازمة ، كحفظ نفسه وعرضه وماله ، فيدخل في عموم استثناء حاجة لا بدّ منها ، المذكورة في الأخبار.
ولكن يشكل حينئذٍ تعميم قضاء الحاجة في كلامهم لحاجات نفسه الغير الضرورية ، فإنّ المستفاد من الروايات إنّما هو الحاجة التي لا بد منها لا مطلقاً ، فانظر إلى المحقّق حيث قال : ويجوز الخروج للأُمور الضرورية ، كقضاء الحاجة ، والاغتسال ، وشهادة الجنازة ، وعود المرضى ، وتشييع المؤمن ، وإقامة الشهادة (١).
وقال في المسالك بعد تفسيره بالتخلّي : ويجوز أن يريد مطلق الحاجة ، ويكون الاغتسال من باب عطف الخاصّ على العام ، أو الاغتسال المندوب ، فإنّه غير محتاج إليه ، ولا فرق في الحاجة بالمعنى الثاني بين أن تكون له أو لغيره من المؤمنين (٢).
أقول : حمله على الاغتسال الواجب مبنيّ على جعله من أفراد قضاء الحاجة ، والمفروض أنّ قضاء الحاجة مثال للأُمور الضرورية ، ويرد عليه حينئذٍ ، أنّ تعميم قضاء الحاجة على ما ذكره أخيراً لا يناسب جعله مثالاً للأُمور الضرورية.
ثمّ إنّ احتمال إرادة الغسل المندوب كما ذكره يوجب عطف الاغتسال على الأُمور الضرورية ، لا على قضاء الحاجة ، وحينئذٍ فيلزم عطف ما بعده على الغسل المندوب الذي هو غير ضروري وغير محتاج إليه.
وفيه : أنّ شهادة الجنازة وإقامة الشهادة قد تكونان من الضروريات ، ففي جعل قضاء الحاجة بالمعنى الأعمّ مثالاً للأُمور الضرورية ، وتخصيص الحاجة بالضروريات ، ثمّ إفراد شهادة الجنازة وإقامة الشهادة الضروريتين من الحاجات الغير الضرورية ،
__________________
(١) الشرائع ١ : ١٩٤.
(٢) المسالك ٢ : ١٠٣.