وما ذكروه في بطلان البيع إذا علّق البيع على شرط مثل أن يقول : بعتك هذا إن جاء الفلاني ، فهو من دليل آخر.
وما ذكروه في عقد الوكالة من اشتراط التخيير فإنّ دليله هو الإجماع المنقول ، وإلا فهو أيضاً أوّل كلام ، ولذلك استشكل فيه المحقّق الأردبيلي رحمهالله (١) وصاحب الكفاية (٢).
مع أنّ مرادهم من عدم صحّته في مثل «بعتك إن جاء فلان» هو أنّه لا يقع من الأصل ؛ لأنّ المراد تعليق تأثير العقد على مجيء الفلاني ، وهو غلط ، بخلاف النكاح المشروط بالبكارة ، فإنّ السبب هنا تام ، غايته الخيار لو ظهر خلافه ، وفي مثال البيع المشروط أصل التأثير مشروط ، وهو ينافي السببية.
والحاصل أنّ الإنشاء ينافي التردّد ، ولا فرق بين صيغة البيع والنكاح وغيرهما ، بل ومثل النذر والتدبير أيضاً ، فما ذكروه من عدم جواز تعليقه على الشرط هو تعليق الإيقاع المستلزم للتردد ، فقولنا : بعت إن جاء زيد بالأمس مثلاً ، مقتضاه التوقّف والتردّد في الإيقاع ، وكذلك إن جاء غداً.
وكذلك الكلام في قولك : وكّلت فلاناً ؛ فتخصيص الوكالة باعتبار التخيير ، والإشكال من الفاضلين المتقدّمين إنّما هو ناظر إلى فعل الموكّل فيه ، لأنفس إنشاء التوكيل ، فإنّه لا إشكال في عدم جواز التعليق والتردّد فيه.
والكلام في «أنكحت» مثل ما ذكر ، فالمفروض في المثال المذكور البتّ والجزم بإيقاع النكاح ، وهو غير منافٍ لاشتراطه بالبكارة ، فمعنى النكاح بشرط البكارة هو الجزم بإيقاع النكاح باعتقاد البكارة ، وعلى فرض البكارة ، وهو لا ينافي احتمال عدم البكارة ، فلو فرض أن يكون المراد أوقعت النكاح إن كانت باكرة فهو أيضاً باطل.
والفرق واضح بين قولنا : بعت إن جاء زيد ، وبعت الفرس بشرط الحمل.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ٩ : ٥٣٣.
(٢) كفاية الأحكام : ١٢٨.