المسألة إجماع ولا أخبار مفصّلة متواترة ، فالتمسك بالقران حينئذٍ أولى ؛ لأنّه مسافر بلا خلاف ، ومخاطب بخطاب المسافرين من تقصير صلاة وغير ذلك (١).
واعلم أنّ العلامة في المختلف بعد ما رجّح قول المفيد استقرب في آخر كلامه القول بالتخيير بين الإفطار وعدمه إذا خرج بعد الزوال.
وجنح صاحب المدارك إلى التخيير مطلقاً (٢).
احتجّ المحقّق في المعتبر بقوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٣) قال : وهو على إطلاقه ، ولا يلزم ذلك علينا ؛ لأنّ مع نيته من الليل يكون صوماً مشروطاً في نيته ، ولأنّه إذا عزم من الليل لم ينو الصوم ، فلا يكون صوماً تاماً ، ولو قيل : يلزم على ذلك لو لم يخرج أن يقضيه التزمنا ذلك ، فإنّه صيام من غير نية ، إلا أن يكون جدّد نيته قبل الزوال (٤) ، انتهى.
يعني : أنّ قوله تعالى يدلّ بإطلاقه على وجوب إتمام الصوم وإن خرج قبل الزوال ، وهو باقٍ على إطلاقه.
وقوله : «ولا يلزم ذلك علينا» يعني : ليس لأحد أن يقلب ذلك علينا ويقول : إنّ إطلاق الآية يدلّ على وجوب إتمام الصوم وإن بيّت نية السفر وخرج قبل الزوال ؛ لأنّ المراد من الصيام في قوله تعالى الصوم المطلق ، لا الصوم المشروط ، فإنّ من نوى السفر في الليل إطلاق الصائم عليه مشروط بنيته ، يعني أنّه صائم إن جدّد النية قبل الزوال ، فلا يندرج تحت الآية.
أو المراد أنّ إطلاق الصوم عليه إنّما يتمّ بشرط طروء المانع عن السفر ، يعني : ينوي الصوم في الليل إن طرأ المانع عن السفر ، وهو غير صحيح ؛ للزوم الجزم في النية ،
__________________
(١) السرائر ١ : ٣٩٢.
(٢) المدارك ٦ : ٢٨٧.
(٣) البقرة : ١٨٣.
(٤) المعتبر ٢ : ٧١٥.