ووجه ضعفه فى القياس أنه ليس على حد الوصل ، ولا حد الوقف ، لأن الوصل يجب أن يتمكن فيه واوه ، كما تمكنت فى قوله : «له زجل» ، والوقف يجب أن تحذف فيه الواو والضمة معا ، فحذف الصلة وإبقاء الضمة منزلة بين منزلتى الوصل والوقف لم تعهد قياسا ؛ نعم يجوز القياس على ما استعمل للضرورة فى الضرورة.
قال أبو على : كما جاز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم ، كذلك يجوز أن نقيس شعرنا على شعرهم ، فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا ، وما لا فلا.
قال ابن جنى : فإن قيل : هلا امتنع متابعتهم فى الضرورة من حيث كان القوم لا يترسلون فى عمل أشعارهم ترسل المولدين ، وإنما كان ارتجالا ، فضرورتهم إذن أقوى من ضرورتنا ، فينبغى أن يكون عذرهم فيه أوسع؟
قلنا : ليس جميع الشعر القديم مرتجلا ، بل كان لهم فيه نحو ما للمولدين من الترسل ، روى عن زهير أنه عمل سبع قصائد فى سبع سنين ، فكانت تسمى حوليات زهير ، وعن ابن أبى حفصة قال : كنت أعمل القصيدة فى أربعة أشهر وأحككها (١) فى أربعة أشهر ، وأعرضها (٢) فى أربعة أشهر ، ثم أخرج بها إلى الناس ، وحكاياتهم فى ذلك كثيرة ، وأيضا فإن من المولدين من يرتجل.
__________________
له زجل كأنه صوت حاد |
|
إذا طلب الوسيقة أو زمير |
فقوله : «كأنه» ـ بحذف الواو ، وتبقية الضمة ـ ضعيف فى القياس قليل فى الاستعمال ، والشاعر يصف حمارا وحشيا ، والوسيقة : أنثاه ، والزمير : الغناء فى القصبة وهى الزمارة ، شبه تطريبه لصوت الحادى أو الغناء ، والبيت قائله الشماخ بن ضرار ، وانظر الخصائص ج ١ ص ١٢٧ ، وسيبويه ج ١ ص ١١.
(١) قال فى اللسان : حككت قرحة : دميتها ، أى إذا أممت غاية تقصيتها وبلغتها والمراد هنا أنه كان يراجع القصيدة حتى يصل إلى غايته فى أربعة أشهر.
(٢) عرض الشىء : أظهره.