فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن هذا من إجماع مستفاد من «السكوت» ، وذلك أنهم لم يصرحوا بالمنع من قول ثالث ، وإنما سكتوا عنه ، والإجماع : هو الإجماع على حكم الحادثة قولا.
والثانى : أن أهل العصر الواحد إذا اختلفوا على قولين ، جاز لمن بعدهم إحداث قول ثالث ، هذا معلوم من أصول الشريعة ، وأصول اللغة محمولة على أصول الشريعة.
وقد صنع مثل ذلك من النحويين على الخصوص : أبو على ، فإن له مسائل كثيرة قد سبق إليها بحكم ، وأثبت هو فيها حكما آخر ، منها : أن لفظة «كل» لا يدخلها الألف واللام فى أقوال الأول ، وجوز هو فيها ذلك ، وقد أفردوها بمسألة (١) فى «الحلبيات» (٢) ، واستدل على ذلك بالقياس ، فغير ممتنع أن يذهب ذاهب هنا إلى مذهب ثالث ، لوجود الدليل عليه ، انتهى.
__________________
(١) كلمتا «مسألة والمسألة» الواردتان فى الأصل رسمتا كلها هكذا : مسئلة والمسئلة.
(٢) الحلبيات : كتاب لأبى على الفارسى ، ويقال : إنه نسبة إلى حلب ، وسماه فى بغية الوعاة : «المسائل الحلبية» وانظر ج ١ ص ٤٩٧.