فقد كان الواجب أن يفعل ذلك ، ولا وجه لإهماله مع احتمال كذب من لم تعلم عدالته.
وقال القرافى : فى هذا الأخير إنما أهملوا ذلك لأن الدواعى متوفرة على الكذب فى الحديث ، لأسبابه المعروفة ، الحاملة للواضعين على الوضع.
وأما اللغة فالدواعى إلى الكذب عليها فى غاية الضعف ، وكذلك كتب الفقه لا تكاد تجد فروعها موضوعة على الشافعى أو مالك أو غيرهما ، ولذلك جمع الناس من السّنة موضوعات كثيرة وجدوها ، ولم يجدوا من اللغة وفروع الفقه مثل ذلك ، ولا قريبا منه ، ولما كان الكذب والخطأ فى اللغة وغيرها فى غاية الندرة : اكتفى العلماء فيها بالاعتماد على الكتب المشهورة المتداولة ، فإن شهرتها وتداولها يمنع ذلك مع ضعف الداعية له ، فهذا هو الفرق.
ثم قال الإمام : والجواب عن الإشكالات كلها أن اللغة والنحو والتصريف تنقسم إلى قسمين :
قسم منه متواتر ، والعلم الضرورى حاصل بأنه كان فى الأزمنة الماضية موضوعا لهذه المعانى ، فإنا نجد أنفسنا جازمة بأن السماء والأرض كانتا مستعملتين فى زمنه صلّى الله عليه وسلّم فى معناهما المعروف ، وكذلك الماء والهواء والنار وأمثالها ، وكذلك لم يزل الفاعل مرفوعا ، والمفعول منصوبا ، والمضاف إليه مجرورا.
وقسم منه مظنون : وهو الألفاظ الغريبة ، والطريق إلى معرفتها الآحاد.
وأكثر ألفاظ القرآن ونحوه وتصريفه من القسم الأول.
والثانى منه : قليل جدا فلا يتمسك به فى القطعيات ، ويتمسك به فى الظنيات ، انتهى.