فى كتابه «الخصائص» (١) : أن علماء اللغة يستمدون من كتب الشريعة قواعدهم ، واحتذوا حذوهم ، وأشار إلى كتب الإمام محمد (٢) صاحب أبى حنيفة بقوله : «وكذلك كتب محمد بن الحسن رحمه الله إنما ينتزع أصحابنا منها العلل لأنهم يجدونها منثورة فى أثناء كلامه ، فيجمع بعضها إلى بعض بالملاطفة والرفق ، ولا تجد له علة فى شىء من كلامه مستوفاة محررة ، وهذا معروف من هذا الحديث عند الجماعة غير منكور».
ثم جاء بعد ابن جنى من ألّف فى هذه المادة ، فألّف الأنبارى (٣) المتوفى سنة ٥٧٧ ه كتابه : «لمع الأدلة فى أصول النحو» وكتب فى مقدمته :
«أصول النحو هى التى تفرعت منها فروعه وفصوله ، كما أن أصول الفقه هى أدلة الفقه التى تنوعت عنها جملته وتفصيله ، وفائدته التعويل فى إثبات الحكم
__________________
(١) انظر : الخصائص ج ١ ص ١٦٣.
(٢) هو صاحب الإمام أبى حنيفة ، وله مؤلفات نادرة فى الفقه منها : الجامع الكبير ، والجامع الصغير ، وهو ابن خالة الفراء النحوى الكوفى ، ويروى عن الإمام الشافعى رضى الله عنه أنه قال : «ما رأيت سمينا زكيا إلا محمد بن الحسن» مات بالرى سنة ١٩٨ ه فى اليوم الذى مات فيه الكسائى النحوى فقال هارون الرشيد : «دفنت الفقه والعربية بالرى»
من تعليق للشيخ النجار على كتاب «الخصائص» ج ١ ص ١٦٣.
(٣) هو أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبى سعيد الأنبارى الملقب بالكمال النحوى».
كان من طلاب المدرسة النظامية ببغداد ، وصار معيدا بها نم أصبح مدرسا فأستاذا وله مؤلفات كثيرة فى النحو وغيره ، ولد الأنبارى سنة ٥١٣ ه وتوفى سنة ٥٧٧ ه. ولقد كان الأنبارى موضوع رسالتى للدكتوراه ١٩٧٣ فى قسم اللغويات من كلية اللغة العربية ، وحصلت على مرتبة الشرف الأولى ، وأوصت اللجنة بطبع الرسالة وتداولها مع الجامعات الأخرى.