أما الفقه فلا أقول ذلك فيه ، بل شيخى فيه أوسع نظرا ، وأطول باعا».
وغير العلوم السابقة كان له إلمام بمعرفة أصول الفقه والجدل والتصريف ، وإلمام أقل من ذلك فى الإنشاء والترسل والفرائض ويليها القراءات فالطب.
وقد كملت عنده مؤهلات الاجتهاد ، فنراه يقول : «ولو شئت أن أكتب فى كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية ، ومداركها ونقوضها وأجوبتها ، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها ، لقدرت على ذلك من فضل الله ، لا بحولى ولا قوتى ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله».
ومن مؤلفاته : المزهر ، والأشباه والنظائر ، وبغية الوعاة ، والدر المنثور ، والجامع الكبير ، والجامع الصغير ، وهمع الهوامع ، وشرح ألفية ابن مالك ، وغير ذلك كثير.
وفى نهاية حياته (١) ترك التدريس واعتزل الناس وتجرد للعبادة ، وألف كتابه «التنفيس فى الاعتذار عن الفتيا والتدريس».
ولقد كان عفيف النفس لا يذهب إلى ذى جاه أو سلطان ، وكان الأمراء والوزراء يأتون لزيارته ، ويعرضون هباتهم عليه فلا يقبلها ، وروى أن السلطان الغورى أرسل إليه مرة خصيا وألف دينار ، فرد الدنانير ولم يقبلها ، وأخذ الخصى فأعتقه ، وجعله خادما فى الحجرة النبوية.
وأرسل للسلطان من يقول له : «لا تعد قط تأتينا بهدية فإن الله أغنانا عن ذلك».
__________________
(١) انظر مقدمة بغية الوعاة للأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم.