لم يتفوّه بذلك ، غير أن اشتقاقه إياه من الغى بمنزلة قولنا نحن : إن الألف والنون فيه زائدتان.
ومن ذلك أيضا ما حكاه غير واحد : أن الفرزدق حضر مجلس ابن أبى إسحاق ، فقال له : كيف تنشد هذا البيت :
وعينان قال الله كونا فكانتا |
|
فعولان بالألباب ما تفعل الخمر (١) |
فقال الفرزدق : كذا أنشد ، فقال ابن أبى إسحاق : ما كان عليك لو قلت : فعولين؟! فقال الفرزدق : لو شئت أن أسبّح (٢) لسبّحت ، ونهض فلم يعرف أحد من المجلس ما أراد
قال ابن جنى : لو نصب لأخبر أن الله خلقهما وأمرهما أن تفعلا ذلك ، وإنما أرادهما تفعلان [بالألباب ما تفعل الخمر] ، وكان هنا تامة غير محتاجة إلى الخبر ، فكأنه قال : وعينان قال الله : احدثا فحدثتا ، انتهى. فكان ذلك من الفرزدق إيماء إلى العلة.
__________________
(١) فى حاشية الخصائص ج ٣ ص ٣٠٢ قال : وفى مجالس كاتب ابن حنزابة كتب فى الهامش على هذا البيت : «حاشية : هذا البيت لذى الرمة ، وسؤال الفرزدق عنه غلط فيما أحسب» ثم قال : وهذا لا بعد فيه ، فقد كان ذو الرمة والفرزدق متعاصرين ، وكان ذو الرمة معروفا بالشعر فى زمن الفرزدق ، وهذا البيت قبله :
لها بشر مثل الحرير ومنطق |
|
رخيم الحواشى لا هراء ولا نزر |
(٢) فى الخصائص : تسبح.