فلم ندر إلا والتفرق واقع |
|
وقد سد من دون التواصل باب |
كأن لم يكن منا اجتماع ولم نبت |
|
ومن بيننا للكشف منه كتاب |
وأي اجتماع بعد ما حكم الردى |
|
وحان من النوب (١) المهيل حجاب |
ولكن نرجّى أن يكون لنا غدا |
|
بجنة عدن مجمع ومآب |
أبا جعفر قد كنت أكرم صاحب |
|
إذا عدّ من أهل الوفاء صحاب |
لقد كنت سمح النفس خلوا عن الأذى |
|
حميد السرى لا شيء فيك يعاب |
ولو أن ما بي من فراقك بالحصى |
|
لذاب فكيف القلب ليس يذاب |
بموتك مات العلم والحلم والتقى |
|
فأصبح ربع الفضل وهو خراب |
وأصبحت الطلاب بعدك لا يرى |
|
لهم طمع في أن ينال طلاب |
فمن للمعاني الغرّ بعدك عند ما |
|
ترى وهي للذهن السليم صعاب |
ومن لفنون العلم يجمع شملها |
|
إذا اختلفت سبل لها وشعاب |
ومن لكلام الحق في وجه مبطل |
|
ولو أنه قد عزّ منه جناب |
لمثلك تبكي العين من متوكل |
|
عليه من الحمد الجميل ثياب |
أبا جعفر ما مات من عاش ذكره |
|
وذكرك باق لم ينله ذهاب |
فو الله ما أنساك حتى يضمني |
|
كمثلك في بطن الضريح تراب |
سبقت وإنا لاحقون فكلّنا |
|
سنمضي مضاء ليس فيه إياب |
ولا بد أن يستوفي المرء عمره |
|
ويفرغ زاد خصّه وشراب |
وتقديم أقوام وتأخير غيرهم |
|
يفاوت أعمارا لهن كتاب |
لقد أوحشت من بعدك الأرض كلها |
|
كان البلاد العامرات يباب |
فآنسك المولى كما كنت مؤنسي |
|
وذو البر مجزيّ به ومثاب |
سقى الله ذاك القبر صيّب رحمة |
|
يخالطها من ذي الجلال ثواب |
٤٢١ ـ محمد بن أحمد بن جابر الأندلسي المتوفى سنة ٧٨٠
محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي الضرير أبو عبد الهوّاري المريّي المالكي ، عرف بابن جابر ، نزيل حلب.
__________________
(١) لعل الصواب : الترب.