حين أسسه. وله منارة محكمة لطيفة من حسن البناء والأحجار والنحت ، ثم في أيامنا تزعزع رأسها فنقض وأعيد ولم يعيدوه كما كان ، فإنهم نقصوا من طول العمد التي عليها قبتها فإنهم كانوا طوالا. وذكر لي من أثق به أن الحاج أحمد بن فستق المذكور استشار الشيخ يوسف في أن يحج ، وكان الحائط المذكور إذ ذاك متهدما ، فأجابه الشيخ : إنك قد حججت ، وأنا أدلك على فعل خير يحصل إن شاء الله لك منه أجر الحاج ، وأشار عليه بأن يعمر حائط القرناصية ، فقال الحاج أحمد : أستخير الله تعالى ، ومضى من عنده فلقيه الشيخ بيرم المجذوب في طريقه فقال له : افعل الذي أشار عليك الشيخ ، فشرع الحاج أحمد وبنى الحائط المذكور انتهى.
أقول : محلها معروف في محلة الفرافرة وسيأتي ذكرها في ترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن أشريف المتوفى سنة ١٢٤٤ إن شاء الله تعالى.
٤٠٣ ـ أحمد بن محمد الأنصاري المتوفى سنة ٧٧٥
أحمد بن محمد بن جمعة بن أبي بكر بن إسماعيل بن حسن الأنصاري الحلبي شهاب الدين أبو العباس ، عرف بابن الحنبلي الشافعي.
ولد في شهر ربيع الآخر سنة ٦٤٨ (هكذا) والصواب (٦٩٨) ، وتفقه بحلب على الفخر بن الخطيب الطائي ، وسمع على العز إبراهيم بن صالح والوادي أشي والتاج النصيبي والبدر بن جماعة ، ورحل في طلب الحديث وبرع حتى صار إماما عالما مع الزهد والورع. ولي خطابة جامع حلب مدة تزيد على عشرين سنة ، ثم نزل عنها لأبي الحسن بن عشائر ولابن أخيه أبي البركات موسى بن محمد بن محمد بن جمعة. وكان دمث الأخلاق يستحضر فروعا كثيرة. وله نظم منه ما وجدت بخط الشيخ بدر الدين الزركشي : أنشدنا لنفسه بالقاهرة قدم علينا سنة ٧٦٤ :
معانقة الفقر خير لمن |
|
يعانقه من سؤال الرجال |
ولا خير في نيل من ماله |
|
عزيز النوال بذلّ السؤال |
قال : وبلغتنا وفاته في سنة ٧٧٥ بحلب. قلت : مات في ١٦ ذي الحجة سنة ٤ فأرخه الزركشي بعد سنة لبلوغ الخبر إلى القاهرة. ومن مسموعه المنتقى من مسند الحارث سمعه