وكان إذا غلب عليه الحال أخذ بيده الطين من الأرض ودفعه إلى من اختار ، فإذا هو في يد الآخذ لاذن (١) فيبيعه أو ينتفع به.
وكان شيخنا المذكور قد حصل له في إحدى عينيه داء يعرف بالتوتة فأضرّبها ، فحذره بعض الأطباء من أن يصيبها الماء ، فامتنع لئلا يفوته الوضوء وإن كان له عنه مندوحة بالتيمم وقال : أنا لا أبالي إذا تلفت بعد أن لا أترك الوضوء أصلا.
٨٠٣ ـ عز الدين بن يوسف الكردي المتوفى سنة ٩٤٨
عز الدين بن يوسف الكردي العدوي أمير لواء أكراد حلب في آخر الدولة الجركسية وأوائل الدولة العثمانية.
كان من طائفة ينتسبون إلى الشيخ عدي بن مسافر رضياللهعنه ويعرفون ببيت الشيخ مند الذي كان يأتيه من لدغته الحية فيطعمه من خبز رقى عليه ونفث فيه فيأكله فيبرأ بإذن الله تعالى. وكان الأمير عز الدين شهيرا بهذه الخاصية بين الأكراد مع إدمانه على شرب الخمر وقتل النفوس سياسة.
وكان لهم غلو زائد فيه حتى كانوا يلقبونه بالشيخ عز الدين ، وربما قيل للواحد منهم : أنت من أكراد ربنا أو من أكراد عز الدين؟ فيقول : بل من أكراد عز الدين.
وكان شيخا معمرا يصبغ لحيته بالسواد ، وله شهامة ووصلة أكيدة بخير بك كافل حلب في آخر دولة الجراكسة. وفي أيامه كان صلب الأمير حبيب بن عربو تحت قلعة حلب ، وذلك أنه كان بين الأمير عز الدين وبين أولاد عربو : طائفة معتبرة من أمراء القصير عداوة بينة من جهة الدنيا وكذا من جهة الدين ، لأن بيت عربو كانوا من أهل السنة والجماعة رضياللهعنهم ، وبيت الشيخ مند كانوا يزيدية ، فكان يغدر بهم حتى سعى في قتل جماعة منهم كالأمير حبيب وكأخيه الأمير قاسم. وكان قتله بالباب العالي السليمي من عرض عرضه أحمد باشا المشهور بقراجا باشا أول من كان باشا بحلب في الدولة العثمانية السليمية ، وذكر فيه أنه جمع بين تسع نسوة في زمن واحد بمكر الأمير عز الدين به عنده.
__________________
(١) اللاذن : رطوبة تتعلق بشعر المعزى ، ملين مدر نافع للنزلات والسعال.