ثم لما مات قانيباي الرماح أمير أخور كبير أعطي وظيفته ولبس الكلوتة ونزع القندس ، وكان من الصوف الأبيض مع قليل جوخ أسود في أسفله بخلاف قندس من لم يكن ابن سلطان ، فإنه كان من الصوف الأخضر.
ودخل حلب في ركاب أبيه سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة ، فلما مات أبوه سبق إلى الباب العالي السليمي وجعلت علوفته كل يوم خمسمائة درهم عثماني ، فأسرف في المأكول والمشروب والمسموع واصطناع الفنونا [هكذا](١) باللؤلؤ والياقوت مرارا ، وأفسد كثيرا من المال في استعمالها إلى أن علاه الدين مع ما كان له من أبيه من الملك والوقف بالقاهرة وحلب وغيرهما ، فحطت منزلته وانحطت علوفته إلى ستين درهما.
ثم قطن بدمشق مدة وبدار بني القرموط بحلب مدة ، ثم توجه إلى الباب العالي السليماني وتوفي به سنة سبع وأربعين وتسعمائة ، ودفن بمقبرة أبي أيوب الأنصاري رضياللهعنه.
وكان من حاله أن يصلي الصبح وينام إلى أن يقرب وقت العصر ، فيصلي الظهر والعصر والعشائين ويستمر ساهرا ومن عنده من المخاديم والمطربين والمضحكين والمأكول والمشروب متداول بينهم شيئا فشيئا ورأسه ينخفض ويرتفع بما استولى من الكيفية عليه إلى أن يصلي الصبح ثم وثم وثم على ممر الأيام والأعوام.
٨٠٢ ـ أحمد بن الحسين الباكزّي المتوفى سنة ٩٤٨
أحمد بن الحسين بن محمد بن أبي الوفا الشيخ شهاب الدين الكردي الباكزي ، نسبة إلى باكزّة : قرية من معاملة القصير من توابع حلب ، الشافعي.
كان دينا خيرا ، يؤدب الأطفال بحلب ويؤم بمسجد الحولية بها. وقد انتفعت بقراءة القرآن العظيم عليه لما له من الصلاح خلفا عن سلف بواسطة أنه من بيت مشهور بالعمادية يعرف ببيت أبي الوفا وأن جده أبا الوفا المذكور كان من أرباب الأحوال.
__________________
(١) في نسخة مخطوطة من در الحبب : الفنونيا ، وفي أخرى : الفلونيا.