٧٥٦ ـ يونس بن علي العادلي المتوفى سنة ٩٣٦
يونس بن علي الأمير شرف الدين الحلبي ثم الدمشقي المشهور بالعادلي وبابن البغدادي.
كان من تجار سوق الصابون بحلب ، وكانت بيده أيضا معلمية المصابن ، فضاقت يده ذات مرة فتوجه إلى القاهرة فوقف في خدمة ناظر الخاص المعروف بابن الصابوني ، واختاره للخدمة دون غيره حذقا منه لكونه صابونيا وكون المخدوم معروفا بابن الصابوني. وكانت الدولة الجركسية باقية وصار يتعاطى مهماته بهمة له عالية ولطافة وافرة ، فتقدم عنده مدة مديدة في دولة الأشرف قايتباي ، فلما توفي وتسلطن ولده ثم تسلطن العادل طومان باي داخله وصرف نفسه إلى مهماته ، فتقدم عنده أيضا وصار يعرف به حتى قيل له العادل.
ثم لما آلت السلطنة بعد حين إلى الأشرف قانصوه الغوري تقدم عنده جدا وجمع بجاهه أموالا عظاما. وكان مع ذلك يرفع إليه شيء من محصول معلمية الصابون بحلب. ولما أراد أن يبعث إلى سلطان الروم رسولا آثره على غيره لوجاهته فبعثه إليه رسولا.
ثم لما اضمحل أمر الدولة الغورية صارت له مكانة عند الوزير الأعظم في الدولة السليمية حتى أخرج له حكما شريفا بأنه تاجر المقام الشريف السليمي وأنه مسموح له من جميع المكوس والأعشار في سائر الممالك السليمية ، بل كان المقام الشريف يقول له : تمنّ عليّ ما تريد ، فيتمنع خوفا منه إذ كان من أتباع ضده ، فلما امتنع ازداد حبا له واعتقادا فيه ، وكان تمنعه من محكم تدبيره.
وبقي في هذه الدولة كما كان في الأولى في شهامة وأبهة وكرم وسخاء مؤثرا دمشق للتوطن على بلدته حلب.
ومن غريب ما حكي عن كرمه أنه في يوم من الأيام زاره بعض المخاديم أول النهار فصنع له مائدة تليق به ، فزاره آخر بعد رفع السماط فطلب سماطا آخر جديدا ، فقيل له : قد بقي من الأول ما يكفي ، فاستنكف من إعادة وضعه ، فأمر أن يطبخ غيره ، فطبخ ، فجاء زائر آخر فجدد له طعاما له ثالثا ، ثم وثم إلى تمام ثمانية زوار ورد آخرهم في آخر النهار.
وكانت وفاته بدمشق سنة ست وثلاثين وتسعمائة.