وكانت له الدراية الحسنة في تصوير ما يريد عمارته من جامع أو دار ونحوهما لمن أراد ذلك من الأكابر.
وقد بلغني أنه لما أرسل الملك الأشرف قايتباي رسوله ماميه إلى السلطان بايزيد بن عثمان بالصلح بعد الوقعة العظيمة الشهيرة التي كانت بينهما ثم عاد رسوله إليه وحسّن له أنه يجعل قلعة آذنة جامعا حسما لمادة النزاع بينهما ، فإنها كانت تارة تحت حكمه وتارة أخرى تحت حكم السلطنة البايزيدية ، وهكذا فأرسل السلطان قايتباي إلى كافل حلب بأن يرسل المحب محمود بن آجا قاضي الحنفية بحلب إلى القلعة المذكورة ومعه المعلم يوسف معلم السلطان بها فينظر إلى كم يحتاج من المال ليكون جامعا ، ففعل ، فلما عاد من آذنة صور له المعلم يوسف صورة الجامع التي سيكون على أسلوب يعجب ناظريه ممن كانوا حاضريه ، فلما وقف عليها برز أمره بالعمارة ، فما شرعوا في تهيئة أسبابها إلا وجاء خبر وفاته ، فلما تسلطن ولده أمر أيضا بذلك ثم لم يتم ذلك ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وكانت وفاة المعلم بحلب سنة أربع وثلاثين وتسعمائة. وكان في صنعته صالحا ناصحا.
٧٥١ ـ محمد بن محمد العجيمي المتوفى سنة ٩٣٥
محمد بن محمد بن محمد بن زين الدين مسافر المشهور بابن العجيمي بالتصغير أحد أعيان التجار بحلب.
كان من أهل الخير هو ووالده. عمّر والده الحوض المعروف بقسطل العجيمي بالقرب من داره بمحلة باحسيتا وأجرى إليه الماء من قسطل الشماع بها ، ثم منع ماءه بعض أهل الشر باستيلائه عليه فانقطع عنه الماء ، فأخذته غيرة على قسطل والده فأخذ له حقا من محلة العوينة وأجراه إليه في سرداب بذل عليه أكثر من ألف دينار كبير سنة ثمان وعشرين وتسعمائة.
ثم كانت وفاته بالقاهرة سنة خمس وثلاثين وتسعمائة.
وكان جده الأدنى عجميا خراسانيا ، وكان معلم دار الضرب بحلب.