٧٤٣ ـ حسين بن محمد الميداني المتوفى سنة ٩٣٤
حسين بن محمد شاه الحلبي المشهور بابن الميداني لأن أباه كان قيم الميدان الأخضر بحلب.
كان في مبدأ أمره من أبطال حلب ومردتها ، إلا أن رفقاءه إذا أكرهوا عفيفة ليزنوا بها نزعها من بين أيديهم شاؤوا أو أبوا ، حتى أعطاه الله كما كان يحكي لنا المنزلة العليا ، وذلك أنه لما كان قانصوه الغوري حاجب الحجاب بحلب عصى كافلها إينال ، فأمر من تسلطن بعد قايتباي بالقبض عليه ، فكان الغوري فيمن ركب عليه حتى قبض عليه ووضع في قلعة حلب لكونه من حزب من تسلطن ، فورد الخبر بقتله ونصب سلطان آخر كان إينال من حزبه ، فأطلق إينال وتبع الغوري وغيره ممن ركب عليه ، فشعر به الغوري وكان صاحب الترجمة مقربا عنده ، فاحتال لإخراجه من حلب ليلا فأخرجه فسلم ، فلما تسلطن بعث يستحثه على الحضور لديه فحضر فجعله كيخيا محلات قيس فحصل النفع به ، وكان كفؤا لمنصبه ولم يخلفه من بعده مثله ، وجعله أيضا من أمراء العشرات وألبسه الكلوتة والقباء الأبيض ، فكان يلبسهما وهو بحلب في الموكب. والكلوتة بفتح الكاف وسكون الواو بعدها تاءان : عمامة ملساء ذات قرنين منعطفين إلى أسفل يمنة ويسرة ، واسمها الصحيح الكلفتة بالفاء ، كذا وجدته بخط بعض الضابطين من المؤرخين.
ثم كثر ماله وظهر خيره فأنشأ الجامع المجاور للشيخ عبد الله بالقرب من قبور الغرباء بحلب ووقف عليه وقفا وعمر له مدفنا بقربه ، وجدد عمارة محكمة على المكان الذي قتل فيه الشيخ شهاب الدين السهرودي المعروف بالمقتول خارج باب الفرج ، ووسع جامع شرف بالقرب من الجديدة ، وجدد مسجدين عند عمارته خارج باب الجنان ، ومسجدين فوقانيا وتحتانيا بالبندرة. وبقي على جلالته وشهامته وقبول كلمته في الدولة العثمانية السليمية والسليمانية كما كانت في الدولة الجركسية الغورية.
ولما حاصر الغزالي حلب ووضع كافلها قراجا باشا على أسوارها حراسا بالليل صار هو يطوف عليهم ليلا ويشجعهم ويوقظ من نام منهم ويمنح كل فريق ما يليق به من عدة علب فيها الحلاوات السكرية إلى أن زال الحصار وصار للغزالي ما صار.
وكان له صدع بلسان الحق وحرمة زائدة ومهابة في أعين الناس العوام والخواص وعلو