سيدها وبين المحب فصار مبغضا من كان هو المحب. ثم كانت الست حلب تجلس على كرسي تأذن خوند بنصبه لها ولو تحت مجلسها حسما لمادة القيل والقال.
ومما اتفق لها أن وعك المحبي فخرج إلى بولاق فزاره السلطان الغوري بمن معه من مقدمي الألوف وعدتهم أربعة وعشرون مقدما ومن معهم من أتباعهم ، فهيأت لهم غداء وعشاء ولم تستعن فيهما بأحد ممن يطبخ سوى جواريها. وكان في ملكها في وقت واحد سبعون جارية بيضاء وسوداء من خزندارات وطشدارات وطباخات. وأصبح السلطان متوجها من بولاق للتنزه بمكان آخر فلحقته بسفينة مملوءة من الأطعمة العجيبة والحلويات الغريبة. ثم لما أخذت منه المملكة عادت الست حلب إلى بلدتها حلب فتوفي المحبي بها فمكثت بتربته سنة كاملة ، ثم لم تنزل منها حتى انعقد فيها عقد نكاحها على الولوي ابن الفرفور الدمشقي قاضي حلب يومئذ ، وصارت تظهر السرور به بعد الدخول مع شيخوختها وشبابه وتشبّب بذكره حتى عيب عليها ذلك بعد أكيد محبتها للمحبي. فلما عزل سافر بها إلى دمشق فماتت بها سنة ثلاث وثلاثين وتركت ما يناهز عشرين ألف قبرصي ، وصار إلى الخاصكي من تركتها بالطريق الشرعي ما لم يكن يصلح إلا لها من قرطين كانا بأذنيها وحلي من الذهب مرصع بالجواهر كان على رأسها.
٧٣٩ ـ محمد بن علي المعروف بابن هلال المتوفى سنة ٩٣٣
محمد بن علي العرضي الأصل الحلبي شمس الدين المعروف بابن هلال النحوي الشافعي.
قرأ بحلب على الشيخ محمد الداديخي ، ثم على شيخنا العلا الموصلي فلم يحصل على طائل مع وكده وكدّه ، فارتحل إلى القاهرة ولازم خالدا الأزهري في العربية مدة مديدة إلى أن مات ، فقدم إلى حلب ودرس بجامعها الأعظم عن شيخنا المذكور بحكم وفاته.
وألف عدة تآليف يعرفها من وقف عليها (١) كحاشية البيضاوي في مجلدين ولم
__________________
(١) قد تحامل العلامة ابن الحنبلي على العلامة ابن هلال في قوله هذا كما أفصح بذلك صاحب الكواكب السائرة وشذرات الذهب في أخبار من ذهب. ومن تآليف ابن هلال شرح الخبيصي المسمى «بالورد المفتح على الموشح» ، وعندي منه النصف الأول والثاني وعليهما خط العلامة جمال الدين ابن حسن ليه الحلبي في آخرهما ا ه. من ورقة كتبها لي السيد حامد عجان الحديد الكتبي الحلبي.