عليه ماء الورد ، ثم توجه به إلى الشيخ علي بك بن المصارع وقص عليه القصة وأعطاه إياه ، فلبسه ولم يزل عليه إلى أن تقطع ورقعه مرة بعد أخرى.
ولم يزل الشيخ شرف الدين على عمل الخير والديانة والمثابرة على الطاعة ومطالعة كتب القوم والاحتفال بالنظر في إحياء علوم الدين إلى أن توفي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة ودفن خارج باب الفرج قبلي تربة الخراساني في قبر حفره لنفسه بيده شيئا فشيئا. فبينما هو ذات يوم يتعاطى حفره إذ جاءه الشيخ محمد العريان السابق ذكره وقال : اخرج منه ، فخرج منه ، فنزل فعمل فيه شيئا ، فسر بذلك الشيخ شرف الدين وأخبر به أصحابه ، ولما فتح القبر لدفنه وجد فيه في المحل الذي يكون فيه خده حصيات ، فسئل عن شأنها فأخبر بعض إخوانه أنه كان قد قرأ على كل حصاة منها (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(١) ألف مرة. وكنت قد اجتمعت به بمحلته المذكورة قبل الوفاة والتمست بركته ، رحمنا الله تعالى وإياه.
٧٣٧ ـ إبراهيم بن أحمد القصيري المتوفى سنة ٩٣٣
إبراهيم فقيه اليشبكية ابن أحمد بن يعقوب الكردي القصيري الشافعي المشهور بفقيه اليشبكية.
ولد سنة خمسين وثمانماية تقريبا بعاره بالمهملتين : قرية من القصير من أعمال حلب. وأخبر أنه انتقل مع والده إلى حلب صغيرا فقطنها وحفظ القرآن ثم الحاوي الصغير ، وأنه رحل إلى دمشق فعرضه على البدر محمد بن قاضي شهبة والنجم ابن قاضي عجلون وأخيه التقي ، وأنه سمع الحديث بها ، وبالقاهرة على جماعة ، وبحلب على محدثها الموفق أبي ذر وغيره ، وأجازه الشيخ خطاب الدمشقي وغيره.
قال الزين عمر بن الشماع في كتابه «تشنيف الأسماع» : ولم يهتم بالحديث كما ظهر لي من كلامه ، وإنما اشتغل بالقاهرة بالعلوم العقلية والنقلية.
قلت : وقد كان دينا خيرا كثير التلاوة للقرآن ، معتقدا عند كل إنسان ، طارحا للتكلف ، سارحا في طريق التقشف ، مكفوف اللسان عن الاغتياب ، مثابرا على إفادة
__________________
(١) الإخلاص : ١.