مسألتين. فلما حضر مجلسه أمر بإحضار الخبز واللبن والعسل وعرفه أنه أضمر السؤال عن مسألتين. وأما الثاني فإنه طرق عليه الباب ذات يوم ودخل عليه فاعتنقه الشيخ ، فقال للشيخ : اجعلني في حل مما كان يصدر مني من الغيبة لك ، فإني قد وجدت نفسي وأنا نائم تائها في مفازة وإذا بك قلت لي : افتح فمك ، ففتحته فألقيت فيه شيئا فلم أقدر على ابتلاعه ولا على إلقائه ، فذكرتني أني أغيبك فتبت ، فلما تبت صار الذي في حلقي كأنه سكر فابتلعته ، وأخذتني وأخرجتني من التيه. فلما تمم له القصة جعله الشيخ في حل من ذلك رضياللهعنهما.
وقد حضرت سماعاته صحبة والدي ، وأخبرني أنه رأى ذات ليلة في منامه شيئا فتوجه إليه ليقص عليه ، فإذا عنده رجل يقرأ في كتاب الله ، فلما دخل والدي أطبق كتاب الله ، فقال الشيخ للقارىء قبل أن يكلمه والدي في أمر المنام : افتح الكتاب واقرأ ، فإذا هو يقرأ : و «منهم من رأى في منامه».
وقد كان رضياللهعنه عالما عاملا مطروح التكلفات وأسبابها ، يقدم النعال لأربابها ، جمالي المشرب ، يضرب بمواعظه ويطرب ، ذا حظوة في مجالس الأفراح ، وخمرة تزري بخندريس الأقداح ، لطيفا ظريفا جاذبا لقلوب الناس ، ملينا لكل قلب قاس.
مات رضياللهعنه في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وتسعمائة ودفن في يوم كان مشهودا شهده الخاص والعام ، وعمرت على قبره عمارة بباب الفرج من مدينة حلب أنشأها الأمير يونس العادلي.
ومما حكى عنه شيخ الشيوخ الموفق بن أبي ذر المحدث أنه كان ذات حين بين النوم واليقظة ، فإذا طائر وقف على مكان من داره واضطرب ساعة ، قال : فاستيقظت مذعورا فأخذت الغطا على رأسي وإذا هاتف يقول : هذه روح الشيخ محمد الخراساني ، فما مضى قليل من الأيام إلا وانتقل إلى رحمة الله تعالى.
قال : وكان يقول : من لم يتخلّع يتقلّع.
٧١٣ ـ محمد بن أحمد المهمازي المتوفى سنة ٩٢٦
محمد بن أحمد بن علي بن إبراهيم أقضى القضاة ناصر الدين أبو عبد الله العجمي الأصل