الدعوى ، فلما لم يطابق قوله قولها أخذت تقول : هذا اليهودي يصدق والمسلم يكذب ، فأغلظ جدي عليها القول قائلا : متى تحصرمتم حتى تتزبزبوا (١) ، فمضوا وأخبروا شيخهم ، فكتب إلى جدي رقعة أغلظ فيها القول عليه على قصور في ألفاظه ، فأجابه بما حاصله بعد الحمد لله : أما بعد فإني أطالع مسامعكم المباركة بورود رقعتكم على الفقير مشتملة على ألفاظ منمقة وحشمة زائدة وإرشاد كامل ونصح بالغ كما هو مثبت في لوح قلبكم ، وأشرتم إلى أنكم أردتم أن يحمل منكم سلام إلى حضرة العبد الضعيف فأقمتم مجرد الإرادة مقام السلام ، ثم ثنيتم بقولكم : وعامة فحول الرجال وخاصتهم إذا خرجوا بشيء لله قولا كان أو فعلا لا يخلطوه بشيء يناقضه ، وهذه شيمة فتيان سادة الصوفية الذين استحقوا مراتب الإرشاد علما وعملا ، فهذا تحصيل حاصل ، وأما قولكم : إن الفقير (٢) عظّم فقراءكم المرسلين إليه في بداية الأمر غاية التعظيم ، ثم قولكم : ثم أردفتم المجلس بالألفاظ التي ما وردت لا عن أهل الشريعة ولا عن أهل الطريق وهي في غاية القبح من مثلكم عند ذوي البصائر حيث نسبتم إلى الشيخوخة وما سمعها من أطفال الطريق ، فالجواب أن الفقراء لما لم يطابق قولهم الصدق ثم شرعوا يقولون ما قالوا عرفهم الفقير أنه لا يعطى أحد بمجرد دعواه وأغلظ لهم القول لما عرّجوا عن الطريق ، ثم نموا عندكم ما أرادوا وكفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع ، ثم إنكم قلتم : ما سمعتم قضية التحصرم والتزبزب (٣) ، فقد قال الناس أبلغ من ذلك وهو :
أعاذك الله من شيوخ |
|
تمشيخوا قبل أن يشيخوا |
وأحدودبوا وانحنوا رياء |
|
فاحذرهم إنهم فخوخ |
إلى غير ذلك. والله يعلم المفسد من المصلح.
٧٠٤ ـ رمضان بن خضر (٤) المتوفى ما بين ٩٢٢ ـ ٩٢٧
رمضان بن خضر بن محمد بن عبد الله أبو الفتح فتح الدين المنوفي الشافعي نزيل حلب.
__________________
(١) في در الحبب : تتزببوا.
(٢) في الأصل : وأما الفقير ، وهو خطأ.
(٣) في در الحبب : التزبب.
(٤) في در الحبب : نصر.