بأخرى فيقول : نعم هذه هي اللائقة ، ثم يذكرون له ثالثة ويرجحونها على الأوليين فتراه يستصوب رأيهم فيها ولا يعدل عما هم عليه ، ثم يقبحون شأنها فيعدل عنها. وكان والدي يعظمه جدا لما أن جدي الجمال الحنبلي كان ممن يتعاطى بمحكمة والده صنعة التوقيع والتوريق ، ولما أنه كان من ذوي البيوت ، بل كان أيضا قاضي المالكية بطرابلس في الدولة الجركسية إلى أن عزل نفسه من قضائها ، ثم عاد إلى حلب وبقي بها إلى أن مات سنة إحدى وعشرين.
٦٨٩ ـ عبد البر ابن الشحنة المتوفى سنة ٩٢١
عبد البر بن محمد بن محمد قاضي القضاة أبو البركات سري الدين ابن قاضي القضاة أبي الفضل محب الدين ابن قاضي القضاة أبي الوليد محب الدين الحلبي ثم القاهري الحنفي المشهور بابن الشحنة سبط قاضي القضاة ولي الدين محمد السفطي قاضي الشافعية بالديار المصرية في الدولة الجركسية.
ولد بحلب سنة إحدى وخمسين وثمانمائة ، ثم انتقل منها إلى القاهرة فاشتغل بها في علوم شتى على شيوخ متعددة ذكرهم السخاوي في ضوئه في ترجمة له حافلة ، ودرس وأفتى وتولى قضاء حلب ، ثم تولى قضاء القاهرة وصار جليس السلطان الغوري وسميره ، ونظم ونثر وألف كتبا كثيرة منها «شرح الوهبانية في فقه الحنفية» ومنها «شرح الماية البديعية والعشرين» التي نظمها جده أبو الوليد في عشرة علوم ، ومنها كتاب له لطيف في حوض دون ثلاثة أذرع هل يجوز فيه الوضوء أولا ، وهل يصير مستعملا بالتوضي فيه أو لا أفاد فيه أن المفتى به في الماء المستعمل قول محمد أنه طاهر غير طهور وأن المتقاطر من الوضوء طاهر قليل لاقى طهورا أكثر منه فلا يسلبه الطهورية ، وجوز فيه الاغتراف منه والتوضي خارجه لا فيه ، وأثبت فيه أن إدخال اليد في الحوض الصغير بقصد التوضي فيه سالب عن الماء الطهورية لارتفاع الحدث والتقرب بإدخال اليد ونزعها باتفاق علمائنا الأربعة رضياللهعنهم ، وأنه إذا تجرد عن هذا القصد لم يؤثر وأن أبا حنيفة وصاحبيه متفقون على تأثير المستعمل في الطهور وسلبه عنه الطهورية إذا وقع فيه وإن كان أقل منه ، ومنها «الذخائر الأشرفية في ألغاز الحنفية» وهو كتاب جمع فيه إلى ألغاز ابن العز الحنفي ألغازا