في مسألة (ليس في الإمكان أبدع مما كان). فاستطال على البدر بجاه سيباي كافل حلب لما كان إمامه. فأرضى عليه العوام البدر حتى نفّره من مخالطتهم وضيق حضيرته لأخذهم في عرضه ، فاضطر إلى أن طلب من عمي الكمال الشافعي أن يستنيبه في القضاء ليرد أفواه الناس عنه ، ففعل وأصلح بينه وبين البدر ، ولم يزل نائبه إلى أن مات بغزة سنة عشرين وتسعماية.
وكان ممن قرأ صحيح البخاري على الكمال بن الناسخ الطرابلسي المالكي تلميذ البرهان المحدث الحلبي لما قدم إلى حلب ، فاهتم بعض الحلبيين بالسماع عليه لعلو سنده ، وقرأ على المحيوي عبد القادر الأبار وغيره ، وصار إمام خير بك كافل حلب.
٦٨٧ ـ إبراهيم بن عثمان شيخ سوق الظاهرية المتوفى سنة ٩٢١
إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن موسى الأصيل برهان الدين ابن الشيخ الإمام برهان الدين بن شرف الدين التركماني الأصل الحلبي المشهور بشيخ سوق الظاهرية.
كان شيخ سوق الظاهرية بحلب وأحد أعيان التجار بها ، كثير المال سابغ النوال سخيا نخيا متنزها مترفها في المآكل والمشارب والمناكح ، تتنوع في منزله الأطعمة الغريبة والحلويات العجيبة. ومما حكي عنه أنه كان في زمان الشباب مولعا برماية النشاب حتى إنه التزم فيها ألطف مخاطرة ووفى بها توفية عجيبة ظاهرة. وكان قد أنشأ له عمارة لطيفة بجوار زاوية الشيخ بيرام بالدرب الأبيض وجعل له بها مدفنا وجنينة ، فصار يخرج إلى جنينته ويتنزه بها ويدعو إليها عدة من الأكابر كالخواجا سعد الله الملطي وأضرابه بحيث لا يدع أحدا منهم يبعث إليه شيئا من المستظرفات ولا غيرها ليثقل عليه مجيئه إليه ، وكان ينصب له بها كرسي فيجلس عليه والطباخ ومن يتعاطون ما يأمرهم به في أمر الأطعمة والحلويات وغيرها ، فإذا أنّق ما أنّق عاد إلى مجلس أخوانه وخلانه.
وكان خير بك الجركسي كافل حلب يحبه ويعظمه ويتشهى عليه الملاذ فيصنعها له ويرسلها إليه أو يرسلها إليه من غير طلب. ولما نزل بأرض حلب مراد خان ابن أخت السلطان حسن بك هاربا من شاه إسماعيل الصوفي بعث خير بك إلى الشيخ إبراهيم يستنهضه في عمل نفائس المآكل له ، وخرج خير بك إليه بجميع مماليكه وكانوا يناهزون الألف