فحفظ المنهاج الفرعي والألفيتين وغيرهما ، وعرض على جماعة ، ولازم البرهان الحلبي فأكثر عنه ، وكذا أخذ عن شيخنا النخبة وشرحها والأربعين وغير ذلك ، بل قرأ عليهما مجتمعين مسند الشافعي في آخرين ، وأجاز له الشرف عبد الله بن محمد بن مفلح الحنبلي القاضي وعائشة ابنة ابن الشرائحي وخلق. وتفقه بعبد الملك بن أبي المنى وابن خطيب الناصرية ، وأخذ العربية والأصلين وغيرهما عن جماعة ، وكتب المنسوب على ابن مجروح ، وكتب التوقيع عند ابن خطيب الناصرية ، بل ناب في القضاء عنه بالبيرة ثم بحلب عن التاج عبد الوهاب الحسيني الدمشقي. وتصدى للإقراء فانتفع به جماعة. وحج وزار بيت المقدس. وقدم القاهرة فأقام بها مدة وتكرر اجتماعي معه بها.
وكان فقيها فاضلا مفننا دينا متواضعا حسن الخط لطيف العشرة ، كتب على الرحبية شرحا ونسخ بخطه الكثير بالأجرة وغيرها. وممن أخذ عنه أبو ذر ابن شيخه.
مات في ربيع الأول سنة تسع وتسعين ولم يخلف في الشافعية بحلب مثله رحمهالله.
٦٥٥ ـ القاضي كمال الدين محمد بن محمود المعري
المتوفى أواخر هذا القرن ظنا
محمد بن محمود المقر الكمالي كمال الدين الشافعي الشهير بابن المعري ، كاتب السر وناظر الجيش بحلب في دولة السلطان قايتباي.
اتفق لجدي الجمال الحنبلي معه أن تلاقيا ذات مرة في الطريق فسلم جدي عليه فلم يرد عليهالسلام ، فسأله : ما الموجب لترك هذا الواجب؟ فقال : سعيك في كلتا وظيفتي ، فأوضح له أنه لم يسع فلم يصغ وفارقه ، وأرسل من ساعته إلى السلطان قايتباي وكان صديقه من قبل السلطنة يسأله في كلتيهما ، فبعث له خفية مرسوما شريفا بتقريره فيهما وأواصاه أن لا يظهره حتى يرسل إليه ما يعتمد عليه ، فما مضت مدة يسيرة إلا وقدم بنفسه إلى حلب حين نزل إلى المملكة الشامية سنة اثنتين وثمانين وثمانماية فحاسب المقر الكمالي فخرج عليه ستة آلاف دينار ، فألبس جدي خلعة الوظيفتين (وفوض إليه تخليصها منه ، فبقي عليه منها بقية ، فأخذها من جدي وكيل السلطان بطريق العدوان ، فرفع أمره إلى الأبواب الشريفة ، فورد مرسوم شريف لكافل حلب بأخذ البقية ليأخذها