فكان في اعتقال المصادرة ، وإذا بالجلال قد طلب إليها كما طلب جدي إليها ، وإذا به قد دخل على قايتباي فابتدره قائلا : مرحبا بخليفة بلاد الشمال ، فخرج من عنده وهو مقطوع الظهر فما وصل إلى منزله إلا وطلب منه قدر جمّ من المال ، فدفعه فطلب منه قدر آخر ، فلم يلبث قليلا أن مات يوم الجمعة عاشر شوال سنة اثنتين وتسعين وثمانماية. فبلغ جدي ذلك فأسف عليه مع ما كان صدر منه. وخرج من محل الاعتقال بالإذن لزيارة قبره متذكرا قصة من غرق في الأرض وأنشد متمثلا :
لئن أخليت فيك اليوم أنسي |
|
فما أنا فيك من أسف خليّ |
عصاني الصبر بعدك وهو طوعي |
|
وطاوع بعدك الدمع العصيّ |
وكان القاضي جلال الدين ممن أجاز له ذو السند العالي الشيخ محمد بن مقبل ابن عبد الله المؤذن بالجامع الكبير بحلب باستدعاء الشيخ أبي ذر بن الحافظ برهان الدين الحلبي.
وقال السخاوي في الضوء في ترجمته : نشأ حنفيا فحوله جده عن مذهبهم وأضافه للمذهب الشافعي ليكون قاضي حلب ويستريح من مناكدة قضاة الشافعية لهم ، فأجيب واستقر بالقضاء بها سنة ٦٢ إلى أن قال : وقدم القاهرة قبل ذلك وبعده مرارا إلى أن كانت منيته بها سنة ٩٢ ودفن بتربة جده. وهو من سمع مني الحديث في بيت المقدس حين كان مع جده فيه على الجمال ابن جماعة والتقي القلقشندي وغيرهما.
٦٤٤ ـ إبراهيم بن الحسن الرهاوي المحدث المتوفى سنة ٨٩٤
إبراهيم بن الحسن بن عبد الله الرهاوي ثم الحلبي الشافعي المعروف بالشيخ برهان الدين الرهاوي.
ولد بالرها سنة خمس وثمانماية ، وقدم حلب فسمع بها على حافظها البرهان سبط ابن العجمي والحافظ ابن حجر حين قدم حلب وصار موقعا بباب قاضي القضاة علاء الدين ابن خطيب الناصرية ثم بباب قاضي القضاة المحب أبي الفضل ابن الشحنة ، وناب في الحكم عن حفيده قاضي القضاة جلال الدين أبي البقاء الشافعي ، ثم أعرض عن النيابة ولزم صنعة الشهادة وكان بارعا فيها ، وحدث بحلب حتى سمع منه والدي وشقيقاه وجدتي أمامة وعمتي فاطمة. توفي في الثامن والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وتسعين ا ه. (در الحبب).