الأثارب. ثم ذكر أبو ذر ما آل إليه أمر هذا الوقف. وهذه الحمّام في حوزة دائرة الأوقاف الآن.
٦٤٣ ـ أبو البقا محمد بن الشحنة المتوفى سنة ٨٩٢
محمد بن محمد بن محمد قاضي القضاة جلال الدين أبو البقا ابن قاضي القضاة أثير الدين ابن قاضي القضاة محب الدين أبي الفضل ابن الشحنة الشافعي.
ولد بحلب في مستهل ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وثمانماية وبها نشأ ، وحفظ المنهاج وبحثه وكتب الخط الحسن.
وكان جده ينسب إلى العقل والحشمة والمعرفة ومعاشرة الناس.
وخطب بحلب استقلالا خطبا بليغة وصلى بجامعها الكبير التراويح بالقرآن كله.
قال الشيخ أبو ذر المحدث : وكانت ليلة الختم ليلة عظيمة مشهودة لم ير في حلب مثلها ، ومشى الأمراء والفقهاء وأرباب الوظائف في خدمته ، وكان فيها من الشمع والفوانيس مالا يحصى كثرة. قال : وفي جمادى الأولى في سنة اثنتين وستين وثمانمائة ولي القضاء عن التاج الكركي ، انتهى كلامه.
ثم بلغني أنه استقر في قضاء الشافعية بحلب أيضا في حادي عشر رجب سنة أربع وثمانين عوضا عن العز الحسفاوي بعد أن رفع العز إلى قلعتها ، فكان رفع العز في رفع العز ، فباشر منصبه هذا بجلالة وشهامة وأبهة زائدة ، وأقبلت عليه الدنيا إقبالا زائدا ، وكان أول قاض شافعي من بنى الشحنة ، وكان له من قايتباي الأشرفي منزلة بحيث لم يأخذ منه مدة ولايته ما كان يأخذه من قضاء الشافعية عادة إلى أن أخذ في المصادرات ، فطلب جدي الجمال الحنبلي إلى القاهرة بنية المصادرة أولا ، فبعث جدي للجلال رسولا يطلب منه كتابا على لسانه لبعض أركان الدولة بمساعدة جدي عند قايتباي ، فطلب منه فأجابه جوابا واهيا لما كان عنده من نوع بغض لجدي مع كون جدي زوج أخته ، ثم لما خرج الرسول غير بالغ منه السول قال للحاضرين : إذا كان للإنسان عدو وقد رآه غرق في الأرض إلى نصفه فليحذره ، وكذا إلى كتفه فإذا رآه غرق إلى عنقه فليطأه برجله ليغرق جميعه. فورد بعض الحاضرين على جدي وأخبره بما قال فلم يعد إلى طلب الكتاب منه ، وتوجه إلى القاهرة