ثم صار بعده بالبلاد الشامية وخدم بأبواب الأمراء إلى أن صار في أيام الظاهر جقمق من أمراء حلب ثم حاجب الحجاب ثم أتابكا ، كل ذلك بها ، ثم نقل لنيابة حماة ، ثم عزل وتعطل سنين ، ثم صار من مقدمي دمشق ، ثم عاد إلى أتابكية حلب حتى مات بها في أواخر رمضان سنة خمس وستين وقد قارب الستين. وكان عاقلا ساكنا حشما وقورا متواضعا كثير الأدب والحياء ، رحمهالله ا ه.
٦٠٧ ـ عمر بن أحمد السفاح المتوفى سنة ٨٦٦
عمر بن أحمد بن صالح بن أحمد بن عمر بن يوسف أو أحمد الزين بن الشهاب بن الصلاح أبي اليسر الحلبي الشافعي الماضي أبوه وأخوه صالح ، ويعرف كل منهم بابن السفاح ، سبط الشرف موسى بن محمد الأنصاري. ولد في ذي الحجة سنة خمس وتسعين وسبعماية بحلب ونشأ بها ، فقرأ القرآن عند الشمس الغزي والأعزازي وغيرهما ، وحفظ التنبيه وألفية ابن مالك وغيرهما ، وعرض على جماعة وأحضر في الثانية على عمر بن أيدغمش ، بل سمع على ابن صديق ، وبالقاهرة على الشرف بن الكويك في آخرين. وحج مرارا وزار بيت المقدس ودخل القاهرة قديما وحديثا غير مرة واشتغل بالمباشرات من سنة ثلاث وثلاثين أو قبلها بقليل ، وتنقل في الوظائف لكتابة السر ونظر الجيش وغيرهما ببلده ونظر الجيش بالشام. ولم يشتغل في العلم إلا قليلا وكذا كان عاريا منه. ووصفه بعض أصحابنا بالمروءة التامة والشهامة والعقل والكرم.
وقال شيخنا في ترجمة أبيه في معجمه : وكانت قد انتهت إليه رياسة الحلبيين بها ولأولاده انتهى.
وقد حدث سمع منه الفضلاء ، بل سمع منه شيخنا في سنة ست وثلاثين حديثا وكفاه فخرا بهذا ، وأما أنا فقرأت عليه بالقاهرة وبحلب أشياء. ولاشتغاله بالديون والخمول بسبب توالي جره الأموال إلى أرباب الدولة تغير كثير من أوصافه ، وكان في أول أمره بزي الجند ، فلما استقر في المباشرات دوّر عمامته. ومات في رمضان سنة ست وستين عفا الله عنه وإيانا ا ه.