الشخص قديما إذا نظم القصيدة ومدح بها أحدا أجرى عليه وأعطاه الجوائز السنية ، وأنا الآن أنظم القصيدة وأرسل مع الخدم العسل وغيره حتى تقبل ، ففي حال حياتي أبذل مالي وبعدي يقال ما أكثر ما سأل بقصائده. وكان يقول : أنا من الخزرج ويكتب ذلك بخطه ، وينسب إلى تشيع ، وكان كريم النفس جدا يجود على أصحابه ويفضل عليهم ويحسن إلى الغرباء ، وحمدت سيرته في ولايته ، وله المدائح الغرر في رؤساء حلب ، ومن ذلك ما امتدح به القاضي الحنفي ابن الشحنة في سنة خمسين لما قدم من القاهرة وأنشدنيها :
صدور أيامنا بك انشرحت |
|
وأنفس المكرمات قد شرحت |
والدهر كم قد شكا تغيّره |
|
بعدك واليوم حاله صلحت |
أشرف عيد نهار مقدمكم |
|
فيه العدى بالعيون قد ذبحت |
كانت نفوس الأنام قد سكرت |
|
غما فمنها وقد دنوت صحت |
أطلعت شمس الفخار مشرقة |
|
من بعد ما للغروب قد جنحت |
وهي طويلة أوردها أبو ذر بتمامها وختمها بقوله :
بقيت ما ماست الغصون وما |
|
سرى من البان نسمة نفحت |
وكانت وفاته تاسع عشر رجب سنة خمس وخمسين وثمانماية ودفن بمصلى العيد خارج سرمين ا ه. (أبو ذر).
٥٨٣ ـ قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني المتوفى سنة ٨٥٥
محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين بن يوسف بن محمود العلامة ، فريد عصره ووحيد دهره ، عمدة المؤرخين مقصد الطالبين ، قاضي القضاة بدر الدين أبو محمود وأبو الثناء ابن القاضي شهاب الدين ابن القاضي شرف الدين العينتابي الأصل والمولد والمنشأ ، المصري الدار والوفاة ، الحنفي قاضي قضاة الديار المصرية وعالمها ومؤرخها.
سألته عن مولده فكتب إلي بخطه رحمهالله : مولدي في السادس والعشرين من شهر رمضان سنة اثنتين وستين وسبعمائة في درب كيكن انتهى.
قلت : ونشأ بعينتاب ، وحفظ القرآن الكريم وتفقه على والده وغيره. وكان أبوه قاضي عينتاب وتوفي بها في شهر رجب سنة أربع وثمانين وسبعمائة. ورحل ولده صاحب