لها ثم وهبته له بعد ، وكان يحكى أنه كان سبب ثروته. وولي إذ ذاك في زمن الظاهر برقوق قضاء طرابلس بتعيين شيخه الملطي له ، ولهذا كان يقول : ما بالممالك الآن قاض من أيام برقوق غيري. وأقام فيه مدة ثم صرف في ربيع الآخر سنة ست وثمانمائة بالتاج ابن الحافظ الحلبي ، ولم يلبث أن أعيد قبل مباشرة التاج ، وشكرت سيرته. ثم انتقل في رجب سنة اثنتين وثلاثين لقضاء الشام عوضا عن الشهاب ابن الكشك وعزل منه مرارا منها في سنة ست وأربعين بحميد الدين النعماني ، وعرض عليه مرة في قضاء حلب فأبى ، واتفق في مرور الأشرف لآمد أنه كان معزولا فانتزع له الخاتونية أو القصاعين تدريسا ونظرا من ابن السكشك ، وكذا باشر الصادرية والنورية ، وامتحن في سنة أربع وأربعين ووجه إلى القدس بطالا ، وكذا حصلت له كائنة أخرى خلص منها بالبذل.
وكان إماما عالما أصوليا ماهرا بذلك مشاركا في الفنون مع الخير والعفة والسيرة الحميدة في قضائه وحسن العشرة وخفة الروح. وصفه شيخنا في حوادث سنة أربع وأربعين في إنبائه بأنه من أهل العلم لا ينكر عليه العمل بما يرجح عنده. ونقل غيره عن العز القدسي أنه وصفه بمزيد الحفظ وقصوره في التحقيق. وقد حج وقدم القاهرة سوى ما تقدم غير مرة وحدث قديما بالموطأ ، ثم بان أن لا رواية له فيه وأن الغلط من البقاعي وهو قارئه ، ثم نقل عنه أنه قال له إن والده أحضره وهو مرضع على الكمال بن حبيب وكان يقري أولاد ابن حبيب وأن ثبته بذلك وبغيره ضاع منه في الفتنة وتأخر منه ورقة واحدة فيها حضوره للشفا على الكمال ولصحيحه بآخرها انتهى. وهذا لا يمنع بطلان سماعه للموطأ على ابن حبيب ، فقد بيّن البرهان الحلبي الحافظ بطلانه. وكذا حدث ببيت المقدس ، ولقيته بالقاهرة فأخذت عنه أشياء.
مات في يوم السبت ثاني عشري رجب سنة اثنتين وخمسين بدمشق معزولا ودفن بمقبرة باب الفراديس بطرفها الشمالي رحمهالله وإيانا ا ه.
٥٧٦ ـ محمد بن إبراهيم الكتبي المتوفى سنة ٨٥٢
هو الشيخ أبو العباس محمد بن الشيخ إبراهيم الكتبي.
كان عارفا أستاذا في تجليد الكتب وتضرب الأمثال بصنعته ، وعمل قيامة جامع حلب