وسفرتها إليه ودامت عنده بالقاهرة ، ثم استأذنته بالتوجه إلى حلب لتزور ولديها فأرسلها وصحبتها الشيخ شمس الدين قمر تلميذه. وكتب إليّ كتابا يقول لي فيه : خيّرها بين الإقامة والرجوع إليّ ، فخيّرتها فاختارت الشيخ فجهزتها ودامت عنده حتى مات. وهذه الزاوية لطيفة لها بابان إلى مسكنه ، وكان يجمع الفقراء عنده ويذكر بهم ، واتخذ لها بسطا لمن يبيت بها ، ووقف عليها وقفا بباب النيرب حوانيت وقاسارية. وتوفي يوم الأربعاء ثاني ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وثمانماية ودفن عند شيخه ا ه.
أقول : هذه الزاوية في محلة البياضة ملاصقة لجامع الصروي من جهة القبلة حتى إن نوافذ القبلة على طولها مطلة عليها ، وهي في أول الزقاق المعروف بزقاق قصطل الطويل عن يسار الداخل إليه وقد جعلت دارا ووقفت وتعرف بوقف مفتي الشافعية. وباب هذه الدار على هيئة أبواب الزوايا والمدارس لا على هيئة أبواب الدور ، وما رأيته داخلها من الأحجار الكبيرة والعواميد المكسرة التي في أرضها يدل على ذلك.
٥٥٥ ـ محمد بن ناهض المتوفى سنة ٨٤١
محمد بن ناهض بن محمد بن حسن بن أبي الحسن الشمس الجهني الكردي الأصل الحلبي نزيل القاهرة.
ولد تقريبا بحلب في سنة سبع وخمسين وسبعمائة ، وتولع بالأدب فأبلغ نظما ونثرا. وسكن القاهرة مدة ونزل في صوفية الجمالية ومدح أعيانها ، بل عمل سيرة المؤيد شيخ فأجاد ما شاء ، وقرظها له خلق في سنة تسع عشرة. ومن نظمه :
يا رب إني ضعيف |
|
وفيك أحسنت ظني |
فلا تخيّب رجائي |
|
وعافني واعف عني |
وقد ذكره ابن فهد في معجمه وبيض له ، وكذا جرده البقاعي ، وهو في عقود المقريزي وقال : إنه سكن القاهرة زمانا ومدح الأعيان وتعيش ببيع الفقاع بدمشق ، ثم ترك وأقام مدة يستجدي بمدحه الناس حتى مات بالقاهرة في حادي عشر شعبان سنة إحدى وأربعين ، وكان عنده فوايد. وكتبت عنه من نظمه :
كم دولة بفنون الظلم قد فنيت |
|
وراح آثارهم في عكسهم ومحوا |